قراءة في كتاب " شمس العرب تسطع على الغرب" ل "زيغريد هونكه "

قراءة في كتاب " شمس العرب تسطع على الغرب" ل "زيغريد هونكه "

0 المراجعات

مدخل : 

كتاب" شمس العرب تسطع على الغرب"، من الكتب النادرة التي أنصفت العرب والمسلمين، فهو شهادة من مستشرقة ألمانية على قدركبير من العقلانية والحصافة ...وهي الكاتبة زيغريد هونكه (Sigrid Hunke) والتي لا صلة لها بالعرب على الإطلاق، لكنها رأت وبموضوعية الباحث العلمي أثناء رحلة البحث وتأليف كتابها هذا، حيث قامت بالسباحة عكس التيار فرأت بأم عينها بأن العرب ليسوا نقلة لعلوم الحضارات الأخرى، كما كانت تدعي بعض النظريات التاريخية الخاطئة، حيث رأت بأن لدى العرب عقولًا مستنيرة يفكرون بها وإمكانيات استطاعوا من خلالها أن يتركوا بصمة واضحة وجلية في كل مناحي الحياة قاطبة.

الموضوع العام : 

 يدور الكتاب حول حضارة العرب منذ القدم و التي ساهمت في وضع حجر الأساس لكل حضارات العالم بما فيها أوروبا وآسيا، حيث ان نقطة قوتهم كانت في أن لغتهم العربية ودينهم الإسلامي هم اليد التي جمعتهم جميعاً وجعلتهم متحدين ككيان واحد متماسك.
سلطت الكاتبة الضوء على جوانب الحياة المختلفة التي أثر بها العرب الفكرية منها والعملية والعلمية بفضل الموروث اللفظي والفكري والعلمي التي تدل على أصالتهم، وأكدت أيضاً على أن التأثير الذي مارسه العرب على الغرب كان هو الخطوة الأولى في تحرير أوروبا من المسيحية.- محتوى الكتاب الهام :الكتاب يتميز بالكثافة العلمية والاستقصاء البحثي الذي يدُل على أن الكاتبة تعمقت في دراسة التاريخ الأوروبي، وحقبِه المُختلفة، والتاريخ الإسلامي أيضًا، وحقبِه المُختلفة بعُمق أكبر، ويُمكن تلخيص أهم الفوائد التي حققها الكتاب فيما يلي؛
(1) مواجهة التهم الملفقة التي يلصقها الغرب بالعرب والمسلمين.
(2) كشفت زيف الأحكام الأوروبية المسبقة عن اضطهاد الإسلام للمرأة
(3) إبراز دور الحضارة العربية الإسلامية في نهضة أوروبا التي عاشت قرونًا طويلة في ظلمات من الجهل والتخلف، بل أن الفكرة الأساسية التي يُمكن أن يخرج بها قارئ الكتاب هي أن كل ما جاء في الحضارة الغربية يرجع فضله إلى العرب، وأنه لولا العرب ما وصل الغرب إلى ما وصلوا لهُ الآن
فالكاتبة تعتبر أن الحضارة الغربية لم تتقدم ثقافيًا واقتصاديًا إلا حين بدأ احتكاكها بالعرب سياسيًا وعلميًا وتجاريًا، ولم تُهمل المؤلفة أي جانب من هذه الجوانب، بل سلطت الضوء على جميعها بدءًا من الأسماء العربية التي ما زال يستعملها الغرب لحاجاتهم، وبعض الواردات التجارية التي كانت بدايتها من أقاصي الشرق ولم يعد الغرب يستغنون عنها من على موائدهم، وحتى قضية الأرقام والرياضيات، مرورًا بعُلماء الفلك، والطب، والميكانيكا.


مؤاخذات على الكتاب:

1- عدم تنظيمه وعدم وضوح تقسيمه، وعدم وجود فهرسة لموضوعاته مما يُصعب الرجوع إلى معلومة محددة فيه مع غزارتها الشديدة
2- الخلط المستمر بين العرب والمسلمين، فتُشير الكاتبة إلى علماء مسلمين ليسوا عربًا على أنهم عرب، والحق أنه خطأ شائع بين كثير من الدارسين والباحثين في التاريخ الإسلامي
-3- عدم التوثيق العلمي للمعلومات والبيانات، فالكتاب في غالبيته لا يوجد فيه أدنى ذكر للمراجع والمصادر التي استقت منها الكاتبة مادتها العلمية.
-4- وقوع الكاتبة في بعض الأخطاء والتأويلات في الفصل الأخير منه
ومن الجدير بالذكر أن الكتاب صدر عام 1960م بعنوان [شمس الله تسطع على الغرب]، وكان ظهوره حدثًا كبيرًا في أوروبا بصفة عامة وألمانيا بصفة خاصة، وتعرضت المؤلفة بسببه لهجوم قوي جدًا من قبيل النقّاد في الصُحف والمجلات على نحو لم يَسبقها فيه أحد، حيث اتهموها بالتعصب للعرب والتحيز للمسلمين، أثر هذا الهجوم تأثيرًا كبيرًا جدًا على ذيوع الكتاب وانتشاره وتلقي مادته بالقبول والاستحسان برغم أنه كان في الأصل موجهًا للمواطن الغربي المُثقف بصفة عامة كما هو واضح من التعليقات والشروح في آخر كل باب ولم يكن موجهًا للعامة، ولم يصدر أي كتاب في نقد موضوعه حسبما أعلم، وقد تُرجم إلى سبعة عشر لُغة، وطُبع مئات الطبعات، وصدرت له باللغة العربية ترجمتان:
الأولى: للدكتور علي حسين تحت عنوان [شمس الله تشرق على الغرب؛ فضل العرب على أوروبا]
والثانية: للأستاذين فاروق بيضون وكمال الدسوقي سنة 1964م بعنوان (شمس العرب تسطع على الغرب)، وهي الترجمة الأشهر طُبعت عشرات الطبعات من قِبل دور مختلفة كدار صادر بيروت، ودار الجيل بيروت، ودار الأفاق الجديدة بيروت.

خاتمة:

 ذكرت بعض المصادر أن مُؤلفة الكتاب التي توفيت عام 1999م عن عمر يُناهز 83 عامًا قد أسلمت قبل وفاتها بعام أو عامين، ولا أعلم من مصدر موثوق فيه أنها أسلمت حتى وفاتها كما أُشيع عنها ذلك، والله تعالى أعلم.

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

8

followers

9

followings

17

مقالات مشابة