اطفال الشوارع (جراح تنزف والم مستمر )  المقال الاول

اطفال الشوارع (جراح تنزف والم مستمر ) المقال الاول

0 المراجعات

المحتويات 

1- المقدمة

2-  من هم أطفال الشوارع 

3- نظرة المجتمع لأطفال الشوارع 

4- إحصائيات أطفال الشوارع فى مصر

5-  الاسباب التى تدفع الاطفال الى الشوارع

6- السمات العامة لأطفال الشوارع

7-  الاثار السلبية لظاهرة أطفال الشوارع 

8- ارتباط ظاهرة أطفال الشوارع بالجنس والحضرية

9 - وسائل الحد منها

تعــــــــد ظاهرة أطفال الشوارع من الظواهر الاجتماعية العامة والاخذة فى النمو والتزايد ليس فقط فى دول العالم الثالث ولكن فى الدول المتقدمة أيضاً واتضح من نتائج جميع الدراسات فى هذا المجال أن ظاهرة أطفال الشوارع لا توجد فى الدول الفقيرة فقط و التى تعانى من عدم القدرة على إشباع احتياجاتها الاساسية ولكن أيضا توجد فى الدول التى توجد بها رفاهية مفرطة لدرجة انها قد تعانى من هذه الرفاهية إلا أن أسباب تنامى وتزايد هذه الظاهرة يختلف إلى حد ما من دولة إلى أخرى وهذه الظاهرة ليست بحديثة بل ظاهرة قديمة سواء على المستوى المصرى أو المستوى العالمى وقد نجم عنها العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. وطفل الشارع إن صح التعبير هو الضحية والجانى فى نفس الوقت فهو ضحية ظروف اجتماعية و اقتصادية ونفسية تواجد بها وهو الجانى الذى وصمه المجتمع وصمة التشرد والإجرام مما جعل هذا الطفل ساخطاً على المجتمع  الذى يعيش فيه و راغباً فى الانتقام منه و ذلك لشعوره بالدونية وحرمانه من إشباع احتياجاته النفسية و الاجتماعية وهو ما يؤثر على مسار التنمية فى هذه المجتمعات . و ظاهرة أطفال الشوارع من الظواهر الاجتماعية  التى يصعب دراستها وذلك نظرا لارتباطها الوثيق ببعض الظواهر الاجتماعية الاخرى مثل التسول وعمالة الاطفال أو لوجود اختلاف كبير بين العلماء فى تعريف من هم اطفال الشوارع كما سنبين لاحقا وكذلك لانتشار الاطفال فى مناطق متفرقة وكثيرة وصعوبة حصرهم الا انه وعلى العموم فان تزايد هذه الظاهرة وتناميها على المستوى العام وعلى المستوى الخاص بمصر أصبح مقلقاً وأصبح كالقنبلة الموقوتة التى ينتظر انفجارها فى اى لحظة والتأخر فى مواجهة هذه الظاهرة ومحاولة ايجاد حلول لها يعتبر بمثابة التعجيل بالأثار السلبية المترتبة عليها لذا وجب علينا أن نقوم بإلقاء بعض الضوء على هذه الظاهرة لعلنا قد نجد بين سطور هذا المقال  حلاً او أخر لهذه المشكلة فان وفقنا فمن الله وبفضله و إن لم يوافقنا الصواب فذلك من أنفسنا ونلتمس العذر فى ذلك .

من هم أطفال الشوارع

بات مصطلح أطفال الشوارع معروفاً في أدبيات التنمية البشرية، وهو من أهم القضايا و اخطرها نظراً لتداخل أبعادها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية، ولتزايدها واستفحالها في بعض الدول النامية، والدول المتقدِّمة على حدّ سواء، ولذلك فهي مشكلة عالمية تفرض نفسها، وتستقطب اهتمام المعنيين بالتنمية البشرية وحقوق الإنسان إلا أنه من الصعوبة بمكان أن نجد تعريفاً معيارياً ومحدداً يتفق عليه الباحثون فى مجال الطفولة ,فيما يتعلق بمفهوم أو مصطلح أطفال الشوارع فى مجال العلوم الانسانية ويعود الاختلاف والتباين فى التعريفات و المصطلحات الى تباين و اختلاف المرجعية النظرية والفكرية التى ينتمى إليها المختصون و إلى اختلاف الزمان و المكان و ذلك لا يعنى عدم وجود أطر ومفاهيم عامة يمكن أن يجمع عليها و يقر بها المختصون . وعليه فإن تعريف هذه الظاهرة قد جاء ضمن صيغ ومقاربات مختلفة .إلا أن هذا الاختلاف فى التعريف حير مقدمو الخدمة ومتخذو القرارات وواجهوا صعوبة كبيرة فى تحديد أطفال الشوارع بهدف تقديم الخدمات المناسبة لهم .

وقد عرفت الامم المتحدة (منظمة اليونيسيف ) حددت أطفال الشوارع طبقاً لتعريفها الصادر فى عام 1986 ( طفل الشارع هو أي طفل – ذكراً كان أو انثى – اتخذ من الشارع ( بما يشتمل عليه المفهوم من أماكن مهجورة وخربات ..الخ ) محلاً للحياة و الإقامة دون رعاية او حماية من جانب أشخاص راشدين مسئولين . 

 وقد قسمت اليونسيف هؤلاء الاطفال إلى ثلاث فئات :-

 الفئة الأولى : تشمل الأطفال الذين اتخذوا من الشارع مأوى لهم وهم بلا أسر.

الفئة الثانية : تشمل الاطفال الذين يعملون بالشارع لفترات طويلة ثم يعودون ليلاً لأسرهم.

الفئة الثالثة : هم الأطفال الذين يعيشون مع أسرهم بالشارع .

كــــــــذلك عرف ابو بكر مرسى أطفال الشوارع بانهم : أولئك الاطفال الذين يقعون فى المدى العمري ما بين (8-12) عاماً ويقضون كل أو معظم وقتهم يجوبون الشوارع بعيداً عن الاسرة .       

و يؤخذ على هذا التعريف أنه دمج بين مفهومين وهما : (طفال الشارع ) وهو الذى يتخذ من الشارع مأوى له ومحل إقامة , والمفهوم الثانى وهو (طفل فى الشارع ) الذى يقضى معظم أوقاته فى الشارع وتربطه علاقة قوية بأسرته .

وعرف أحمد صديق (طفل الشارع ) بانه: طفل من أسرة تصدعت أو تفككت يعانى من ضغوط نفسية وجسدية و اجتماعية ولم يستطيع التكيف معها فأصبح الشارع مصيره حيث لا يتوافر اى من سبل البقاء او النمو او الحماية الطبيعية وحيث كل صنوف انتهاكات حقوق الطفل المعترف بها دولياً . 

وعرف (أنيلى ) أطفال الشوارع بأنهم : هم الاطفال الذين يعملون ويقيمون فى الشوارع كل أو بعض الوقت دون رعاية من أسرهم اى انهم الاطفال الذين سلبت حقوقهم رغماً عن سنهم وهم بهذا مظلمون ومصيرهم الشارع .

كما يعرف (بويدون ) أطفال الشوارع بانهم الاطفال المهضوم حقوقهم والمظلومين الذين يقيمون فى الشوارع ويعملون بها.

ويلاحظ من جميع التعاريف السابقة أنها يوجد بها اختلاف الى حد ما ومن الوضح أيضا أن ذلك الاختلاف مردوده الى اختلاف المرجعية النظرية والفكرية لجميع العلماء السابقين .

نظرة المجتمع لأطفال الشوارع

إن لما تطلقه المجتمعات المختلفة على اطفال الشوارع من تسميات دلالة كبیرة في النظرة الاجتماعية إليهم و إن الذى ينظر لهذه التسميات ومن الوهلة الاولى يمكنه ان يعرف ان هذه المجتمعات تنظر لأطفال الشوارع نظرة دونية او انهم مهملين ومهمشين ولا قيمة لهم  ،فمثلا  نجدهم في بولوفیا باسم (دود الخشب) وفي نابولي باسم ( رأس المغزل) وفي بیرو باسم (طائر الفاكهة) وفي كولومبيا (الصبي) أو أ ولاد الغبار ،(حشرات الفراش ) وفي بولیفیا (الفئران) وفي رواندا (الأولاد السيئون) أما في هندوراس فهم (المتمردون الصغار) وفي زئير(العصافير) وفي الكاميرون (الكتاكیت) ، (البعوض) وفي الكنغو (الجوالين) وفى السلفادور الأطفال المنبوذين وفى البرازيل يطلقون علیهم  الأطفال المتخلى عنهم من قبل أسرهم ، المهملين ، وفى المكسيك  يطلقون عليهم بالنهابين ، أما في العالم العربي فإنهم یطلقون علیهم في السودان (الشماسة) . و یطلقون علیهم في جنوب إیطالیا (البلابل الدوارة) وفي الیمن في مدینة صنعاء سمونهم بأطفال ( الكراتين ) لأنهم یقومون ببناء أماكن شبه الكوخ للنوم في الكراتين . وفي مدینة عدن فيطلقون علیهم ( المتسكعون  )   ویطلق على أطفال الشوارع في مصر تسمیات عدیدة منها . أطفال بلا مأوى ، وأطفال بلا أسر، والأحداث المعرضين للانحراف , والأحداث المشردين. ویطلق أطفال الشوارع على أنفسهم تسمية( أطفال السوس ) على اعتبارهم لا جدوى منهم ولا يريدهم احد . 

وعموماً يمكن ان نقسم وجهة نظر المجتمع لأطفال الشوارع الى قسمين  القسم الاول ينظر الى اطفال الشوارع على انهم لا ذنب لهم فى الوضع الذى هم عليه وانهم ضحايا لظروف اسرية ومجتمعية خارجة عن إرادتهم والقسم الاخر ينظر اليهم نظرة غير متعاطفة حيث ينظر اليهم على انهم سبب لمشكلات لا يرضى عنها المجتمع مثل التسول والنشل والنهب والتشرد .

إحصائيات أطفال الشوارع فى مصر

تشير دراسة رسمية صادرة عن وزارة التضامن الاجتماعي إلى أن عدد الأطفال الذين ليس لديهم مأوى في مصر يبلغ حوالي 16 ألف طفل، وأن أغلبهم يتمركز في الحضر بنسبة تصل إلى 88 في المئة. وأغلب أطفال الشوارع من الذكور بما نسبته 83 في المئة، وهناك حوالي 87 في المئة منهم أصحّاء في حين أن البقية من ذوي الإعاقات. كما أعلنت وزارة التضامن الاجتماعى عن نتائج حصر أطفال الشوارع على مستوى الجمهورية، والذى شارك فى إعداده 3 آلاف و800 باحث بالتعاون مع المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، والمجلس القومى لمكافحة وعلاج الإدمان والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. وشمل الحصر خريطة لتمركز أطفال الشوارع وأعدادهم بالمحافظات، مبيناً أن 16 ألفاً و19 طفلاً يتمركزون فى 2558 منطقة على مستوى الجمهورية، ويوجد بالقاهرة 4487 طفلاً فى 703 مناطق، وفى الجيزة 1658 طفلاً فى 187 منطقة، وفى القليوبية 1342 طفلاً فى 197 منطقة، وفى المنيا 1061 طفلاً فى 115 منطقة، كما يوجد 927 طفلاً فى الشرقية مقسمين على 181 منطقة، وفى أسيوط 793 طفلاً مقسمين على 78 منطقة، وفى الإسكندرية يوجد 742 طفلاً فى 97 منطقة، أما المنوفية فيوجد بها 614 طفلاً فى 57 منطقة، وفى السويس يوجد 594 فى 57 منطقة، وفى بنى سويف يوجد 521 طفلاً فى 125 منطقة، وفى الدقهلية يوجد 410 أطفال مقسمين على 92 منطقة، وفى كفر الشيخ يوجد 396 طفلاً فى 84 منطقة، وفى بورسعيد 381 طفلاً يتمركزون فى 104 مناطق، وفى أسوان 368 طفلاً فى 63 منطقة، وفى الغربية 349 طفلاً فى 73 منطقة، فى حين أن 250 طفلاً فى قنا يتمركزون فى 64 منطقة، وفى سوهاج 214 طفلاً فى 49 منطقة، أما الأقصر فبها 193 طفلاً فى 21 منطقة، وفى البحيرة 181 طفلاً فى 73 منطقة، وفى دمياط 158 طفلاً فى 48 منطقة، وفى البحر الأحمر يتمركز 134 طفلاً فى 16 منطقة، وفى الفيوم 102 طفل فى 33 منطقة، وفى الإسماعيلية 63 طفلاً فى 24 منطقة، وفى شمال سيناء 70 طفلاً فى 9 مناطق، أما جنوب سيناء فيوجد بها 11 طفلاً مقسمين على 7 مناطق . 

هذا بينما كانت وزارة الداخلية قد أصدرت تقريراً في عام 2012 أعلنت فيه أن عدد أطفال الشوارع في مصر حوالي 29 ألف طفل. وتتناقض هذه الأرقام الرسمية المعلنة فيما بينها، كما مع أرقام أخرى أعلنت عنها "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" التي قدّرت عدد أطفال الشوارع في مصر بحوالي مليوني طفل! وهو رقم يقترب مما صدر عن مؤسسة حكومية رسمية، هي "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء"، في دراسة له عن عمالة الأطفال، حيث قدّر عدد المتسولين بالشارع منهم، كما الذين يعملون بالورش والمصانع بحوالي 1.6 مليون طفل، وإن كان بعضهم ليسوا أطفال شوارع بالمعنى الذي ينطبق عليه التعريف الرسمي، فيُرجّح أن عدداً كبيرا منهم بلا مأوى. 

ويرجع هذا التناقض فى الارقام وعدم وجود بيانات سليمة وصحيحة وكافية عن أطفال الشوارع الى الاسباب الاتية :-

  1. غياب الإحصاءات والمسوح الرسمية المتكاملة، فالإحصاءات المتوفرة كلها جزئية حيث تنظر كل مؤسسة إلي المشكلة من زاوية صلاحياتها واهتماماتها فالشرطة والأمن والقضاء ومجالس الطفولة والمؤسسات الاجتماعية والمنظمات …الخ، لها إحصائيات مختلفة بسبب التباين في الطرح والتناول . 
  2. الظروف النفسية والعقلية والاجتماعية لعدد كبير من الأطفال تجعل عملية الحصر الشامل شبه مستحيلة حيث يرفض عدد من هؤلاء الأطفال التعامل مع جامعي البيانات، أحيانا بطريقة واعية ومقصودة وأحيانا أخرى بسبب استخدامهم للمواد المخدرة والكحولية والتي تجعلهم غير مهتمين لما يجري حولهم بل رافضين لكل ما هو رسمي ومنظم.
  3. صعوبة إجراء مسح إحصائي دقيق وذلك للتكلفة المالية الباهظة وعدم توفر التمويل المناسب لهذه الدراسات علاوة على تعقيد ميدان الدراسة بسبب الحركة السريعة والدائمة للأطفال.
  4. هذا بالإضافة الى رغبة الدولة فى عدم إظهار الارقام الحقيقية الخاصة بهذه الظاهرة خصوصاً امام الكثير من الجهات التى تهتم بحقوق الطفل والطفولة .
  5. عدم التمييز فى الكثير من الادبيات بين أطفال الشوارع وعمالة الاطفال .
  6. صعوبة الاتصال بأطفال الشوارع نظراً لانهم كثيرون  التنقل من مكان لأخر .
  7. أن أغلب هذه الاطفال لا يوجد معهم او لديهم اى إثبات شخصية وبالإضافة الى استخدامهم لأسماء غير اسمائهم الحقيقية يجعل من الصعب جداً امكانية حصرهم  .                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   ===========================================================

                                                                                                                  انتظر  باقى الموضوع في المقالات القادمة 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

24

متابعين

79

متابعهم

97

مقالات مشابة