اجعل من حياتك قصة تستحق أن تروى

اجعل من حياتك قصة تستحق أن تروى

0 المراجعات

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و نشهد أن محمدا عبده و رسوله شهادة نحيا بها و نموت عليها و نلقى الله بها.

حكمة اليوم يقولون اجعل من حياتك قصة تستحق أن تروى

الحياة هبة من الله سبحانه و تعالى، لولا أن الله عز و جل أراد حياتنا ما كنا يقول تعالى ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾
سورة البقرة: 28]

فقال كنتم أمواتا فأحياكم 

و قال ﴿ هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا﴾[1 :الإنسان] يعني قد أتى على الإنسان وقت لم يكن له وجود إنما الذي أراد وجوده و حياته و وهبه هذه النعمة إنما هو الله سبحانه و تعالى.

و في القرآن : ﴿ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ( 11 : غافر)

قبل أن نحيا كنا ميتتين ثم أحيانا في الحياة الدنيا ثم أماتنا مرة أخري في نهاية الحياة ثم يحيينا يوم القيامة مرة ثانية .

فأول شيء نلفت النظر إليه أن هذه الحياة هبة و نعمة و عطاء من الله سبحانه و تعالى ، و هذه الحياة قصيرة جدا و من قصرها يضرب أحدهم مثلا عندما يأتي المولود أول ما نفعله نؤذن في أذنه و عند خروجه منها ماذا نفعل ؟ نصلي عليه صلاة الجنازة فكأن الدنيا تساوي ما بين الأذان و الصلاة وقت الانتظار هذا عشر دقائق ربع ساعة أو ثلث ساعة و ربما أقل من ذلك.

أهل الكهف الذين بقوا في الكهف ثلاثمائة و تسع سنوات و عندما سئلوا كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم و العزير عندما توفاه الله ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فالحياة قصيرة جدا.

و مما يقوله سيدنا عبد الله بن مسعود يقول : ما أصبح أحد في الدنيا إلا و هو ضيف و ماله في يده عاريه فالضيف مرتحل و العارية مردودة هذه هي الدنيا ما أصبح رجل إلا و هو ضيف هذا الضيف مقيم أم مرتحل؟ يعني في لحظة يقول تأخرت أو اتصلت بي زوجتي ، و ماله في يده عاريه مصروف جيب لهذا المقيم يوما أو يومين فالضيف مرتحل و العارية مردودة.

و بعضهم يقول حكمة جميلة : " تملك من الدنيا ما شئت فستخرج منها عاريا كما دخلتها عاريا "

ما الذي كان معك عندما جئت لهذه الدنيا قدمت عريانا ليس عليك أي شيء و ماذا عن خروجك منها نفس الشيء فماذا عما بينهما كنت ملكا كنت أغني من في هذه الدنيا كنت ما كنت في النهاية لا شيء هذه هي الدنيا.

نحن جئنا و أراد ربنا أن نطأ هذه الأرض و ندرج على فراش هذه الأرض ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِّتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)) و جعل في الدنيا متاع و غيره فهل عندما نعود بعد ذلك كله سنذهب إلى الله بمثل ما جاءنا به، لا فقد عملت و عمرت أو خربت شكرت أو كفرت كنت صالحا أم طالحا الوضع سيختلف و أي منا يأتي للدنيا يكون له أثر مهما كان أثرا إيجابيا أو سلبيا خيرا كان أم شرا 

( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ)  (12 : يس ) 

هذه الآثار هل هي خير؟ 

ممكن و العياذ بالله أن يكون المرء ظالما قاسيا متكبرا ثم يلقى الله ليحاسبه " فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" (سورة الزلزلة) 

فنقول اجعل من حياتك قصة تستحق أن تروى .

أحدهم يخرج من الدنيا يحزن عليه الجميع ، يقول ربنا عن قوم فرعون : ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ  ) ( 29 : الدخان ) 

هم قوم فرعون فماذا عن القوم الصالحين؟ 

تبكي عليهم السماوات و الأرض هذا مفهوم من الآية بالمخالفة فإذا كانت لا تبكي على فرعون و قومه فهي بمفهوم المخالفة هناك أناس تبكي عليهم السماوات و الأرض عند موتهم 

فإذا مات المسلم يبكي عليه موضعان موضع في الأرض و موضع في السماء موضع في الأرض الذي كان يسجد فيه و موضع السماء الذي كان يرفع إليه دعاءه .

 أحدهم يرحل يدعي عليه الناس و الله يقول " لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " و يقول " مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا " 

في أي مكان شر و خراب و دمار قصة تروى في الشر تروى في المذمة ، و آخر يدعي الناس له : ( رحمه الله و أحسن إليه ) لقد ترك أثرا طيبا.

أنت من تكتب قصتك بيدك و ستجد يوم القيامة كتابا ، من الذي ألفه؟ من مؤلف الكتاب الذي قال عنه الله ( یَلقَىٰهُ مَنشُورًا ٱقرَأۡ ) 

تقرأ ماذا؟ كتابك ليس كتاب أحد آخر 

الكتاب الوحيد الذي لا يتخلى أحد عن قراءته و قام هو بنفسه بتأليفه هو كتاب حياته هذه 

اقراء كتابك كفى بنفسك عليك اليوم حسيبا فلن نحاسبك بوسائل أخرى أنت من ستحاسب نفسك فاجعل من حياتك قصة تستحق أن تروى

عالم - رجل كريم - رجل رحيم ودود - تبتعد عن إيذاء الناس تجلب لهم الخير تكون كالغيث أينما وقع نفع تكون كالشمس تغرب في مكان لتشرق في مكان آخر فهي في شروق دائما و تظل ذكرى الناس ذكرك على ألسنتهم رضي الله عنه جزاه الله خيرا و أجزل الله له العطاء 

و أنت ميت و دعوات الناس لك مستمرة و قصة تروى.

 الناس يعرفون العلماء و المجاهدين و الحكام العادلين و الناس الذين لهم أثر طيب في هذه الحياة و يظلون يذكرونهم.

 سيدنا إبراهيم دعا ربه فقال : ( واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) عند موتي يذكرني الناس بالخير و يقول ربنا : ( سلام على إبراهيم ) ( سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) ( سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ) ( سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ) ( وسلام على المرسلين )

أليس بإمكانك بعملك ، لن ينوب عنك أحد في ذلك ، أنت من سيكتب قصة حياتك ، و أنت يوم تلقى الله ستجد نتيجة عملك.

يقول أحدهم عندما يلقى نتيجة عمله خيرا على العالم كله على الدنيا بأسرها ، ليس على أهل مصر وحدهم بل على الملأ أجمعين ( يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) ( يوم تبلى السرائر ) تجد أحدهم أمام هؤلاء الناس جميعا ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) ماذا كان ماضيه؟ ( إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ) و النتيجة؟ ( فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) ) [الحاقة]

ها هي قصة حياتك.

فماذا عن الآخر ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25)) و لكن بعد ماذا؟ يا ليت في اللغة العربية تستعمل للمستحيل لن يحدث ( فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ(27)) يتمنى أن تكون هذه الميتة التي ماتها كانت قاضية و منهية ثم يقال لقد كنت تملك كذا و كذا ( مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ (28)) لقد كنت يشار لك بالبنان و يقول الناس جميعا فلان و فلان ( هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)) لن ينفعك شيء.

 فعليك أن تعلم أنك ليس بمجرد رواحك و مجيئك و رحيلك الأمور مثل بعضها ، لا خرجت من التراب بلا ذنوب و عدت للتراب و كلك ذنوب فهذه مصيبة كبيرة.

على الإنسان أن يتقي الله في حياته و كما نقول في حكمتنا اجعل من حياتك قصة تستحق أن تروى.

يرويها أولادك و أحفادك و جيرانك و العالم كله ليس كما دخلت خرجت و لم تفعل شيئا.

و تفتخر ببنائك عمارة أو ملكت حسابا في البنك بقيمة كذا هذا كله (  يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) 

فنسأل الله أن يجعلنا ممن يتركون أثرا طيبا يشهد لنا عند الله سبحانه و تعالى بعد مماتنا و كله مكتوب فاللهم اجعل آثارنا في طاعتك و اجعل عملنا صالحا و لوجهك خالصا و لا تجعل لأحد فيه شيئا و اجعل يومنا خيرا من أمسنا و غدنا خيرا من يومنا و اجعل خير أيامنا يوم لقائك و خير أعمالنا خواتيمها و صل اللهم و بارك على سيدنا محمد النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

3

متابعهم

1

مقالات مشابة