وفاةُ مُهجَةُ قَلبي ، حَبيبي وبَطلي الأوحَد والِدي العَزيز رَحِمَهُ اللَّه .

وفاةُ مُهجَةُ قَلبي ، حَبيبي وبَطلي الأوحَد والِدي العَزيز رَحِمَهُ اللَّه .

0 المراجعات

والِدي رَحِمَهُ الله 
 هل سبقَ لكَ أن أخذَت مِنكَ الحياةُ عزيزًا ما ؟ وأحسست نفسكَ غيرَ مُستعِدًا لمواجهَةِ الحياة من دونه ؟ بل وشعرتَ أنك تائه وضائع في غياهِب الحياةِ بلا هدَف أو مُرادٍ أو مقصَد وبدون وِجهَةٍ مُحددة ؟ أو أحسست من مرارةِ فقدِكَ لهُ كأنَّك في غُرفةٍ سوداء مُعتِمة ليس فيها شقُّ نور كما لو أنَّكَ في سردابٍ ما  ؟ هل سبقَ لكَ أن تجرَّعتَ مرارَةَ الفقدِ ؟؟؟ 
  قَلبي يَعتصِرُ من الألم لِوفاةِ قُدوَتي الأولى ومُحَفِّزي وداعِمي الأكبَر ، مُهجَةُ قَلبي ، حَبيبي وبَطلي الأوحَد والِدي العَزيز رَحِمَهُ اللَّه ، لا أدري لما شرَعتُ في الكتابةِ عن هذا الأمر ولكنه يُثقِلُ كاهِلي ، وقلتُ في داخِلي لعلَّ الكتابَةَ تساعدُني قَليلاً في الترويح عن نفسي ، ولعلي أجِدُ بعضَ العزاءِ ممَّن مرَّ بتَجرُبة مماثلة ، على الأقل إحساسُ أنكَ لستَ وحيدًا في مثلِ هذه التجربةِ القاسية سيفي بالغرض في الوقت الرَّاهِن .
  لقد مرَّت فترة طويلة دونَ أن أكتب لوالدي شيء ، أشعرُ أنِّي مُقصرَّة في حقه ، لكنَّني في كُلِّ مرَّةٍ أكتُبُ عنه يجرِفُني سيلٌ من الذِّكريات السعيدة والمشاعر العظيمة التِّي منَحني إياها فأغرق في حُزني عليه وعلى فُراقِه وخوفي من الحياةِ بدونِه كيف لا وقد كان أبي أماني ومأمني واطمئناني عند هلعي وجزعي من أي موضوع مهما كان تافِهًا ؟ 
  أما بالنسبةِ لاحتواءِه لي ولاخوتي  ، أتعجَبُ من مقدار ما كان يمتلكُه من " الذكاء العاطفي " دون أن يكون مُدرِكًا أصلا لوجود هذا المصطلح أو مُلمًا بعلوم التربية أو علم النفس ، فوالدي رجل بسيط غير متعلم ولكنَّ مقدار ما يمتلكه من الخبرة والمهارات الحياتية مُبهرة بالنسبة لي ولكُل من عرفَه حقَّ المَعرِفَة .
  أعلَمُ أنَّ الموتَ حقٌ وأنَّهُ نهايَةُ كلِّ شخصٍ وُجِد سواء أكان مؤمنًا بهذه الحقيقةِ أم لا ، وأعلمُ أنَّ سيدنا مُحمد عليه أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم  أدركتهُ المَنية وهو أفضلُ الخلقِ  ،  وهنا أقتبس مقولة الشيخ الشعراوي حيث قال : “ الموتُ سهمٌ أُرسِلَ إليكَ ، وإنَّما عُمرُكَ هو بقدرِ سَفَرِه إليكَ ” أي أنَّ الموتَ حقيقَةٌ لا مَفرَّ منها ، وعلى الرغم من معرفَتي بِكُلِّ هذه الحقائق إلا أنني أجدُ صعوبة في تخطي وفاة والدي فالمرور بهكذا أمر غيَّرني كُليَّا وغيَّر نظرتي لمفهومِ الحياة ؛ حيثُ أصبحتُ أجدُ الدُّنيا تافهةً ولا تستحق كلَّ هذا القتال من أجل المَطالب الدنيوية التي لا حصر لها وكلما حصل الإنسان على أحدها سَعى بِنهَم وجشَع إلى الحصول على ما هو أفضل وهكذا إلى أن يمضي به العُمر ويدرك أنَّ الحياةَ فاتته وهو يربط مفهوم السعادة والرِّضا بهذا وذاك من الأمور المادية ( بيت فاخر ، سيارة فارهة ، أرضٌ كبيرة وواسعة ..إلخ) فالسعادة والرِّضا مرتبطتان بالله وحده ، أذكر جملةً اعتاد والدي قولَها ألا وهي : " كُن معَ اللهِ ولا تُبالي " أي أنَّ الهدف من هذه الدُّنيا هو عبادةُ الله والتقرُّب له بالمقامِ الأول وليس جمع المال من أجل التباهي والتفاخر بما تملكه من ممتلكات . أذكر أنني من أيام قليلة سمعتُ نصيحةً تكادُ تكونُ من أعظم وأثمن النصائح وهي فلانٌ يقول لصاحبه : أمرين إذا فعلتهما سترتاحُ في حياتِك كُلِّها ، قال : ما هُما ؟ قال : الأول لا تهتم لصغائر الأمور ، والثاني كلُّ أمورِ الدُّنيا صغائر .
  ويطولُ الحديثُ إخواني وأخواتي فَمن منا لا يعشَق والدَهُ ويُكِنُّ لهُ أبلغَ مشاعر الحب والشوق ؟ وفي نهايةِ مَقالي هذا أدعو لوالدي العزيز ولموتاكم وجميع أموات المسلمين  بواسع الرَّحمة والمغفرة وأتمنى منكم فضلاً وليس أمرًا أن تَخصُّوا والدي بدعوة منكم لعلَّكم أقربُ إلى اللهِ مِنَي ، أستودعكم الله إلى اللقاءِ في مقال آخر إن شاء الله ♥️ .

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

5

followers

3

followings

19

مقالات مشابة