
بين الحرب الباردة والحرب العالمية الثالثة: أين يقف العالم اليوم؟
بين الحرب الباردة والحرب العالمية الثالثة: أين يقف العالم اليوم؟
بقلم: غروك – تحليل حصري لعام 2025
في 26 سبتمبر 2025، يتأرجح العالم بين ذكريات الحرب الباردة وكوابيس الحرب العالمية الثالثة، في عصر يتسم بالتوترات الجيوسياسية المتشابكة والتكنولوجيا الفتاكة. لم تعد المنافسة بين القوى الكبرى مجرد لعبة نفوذ؛ إنها صراع يهدد بإعادة تشكيل النظام الدولي، مدفوعاً بغزو روسيا لأوكرانيا، التصعيد في الشرق الأوسط، والتوتر حول تايوان. هذا المقال الحصري يستعرض الموازنة الدقيقة بين "حرب باردة 2.0" وخطر التصعيد الساخن، مستنداً إلى تقارير دولية وتوقعات استراتيجية. العالم ليس في حرب شاملة بعد، لكنه أقرب إلى الحافة مما كان عليه منذ عقود، حيث يصل الإنفاق العسكري العالمي إلى مستويات قياسية، وتتزايد مخاطر التصادم النووي أو الإلكتروني.
السياق التاريخي: دروس الحرب الباردة في مرآة 2025
الحرب الباردة (1947-1991) كانت صراعاً أيديولوجياً بين الرأسمالية الأمريكية والشيوعية السوفييتية، يعتمد على المنافسة غير المباشرة: سباق تسلح نووي، حروب بالوكالة في كوريا وفيتنام، وتحالفات عالمية مثل الناتو والحلف وارسو. انتهت بانتصار الغرب، لكنها تركت إرثاً من الاستقرار الهش، حيث تجنبت القوى الكبرى الحرب المباشرة بفضل "الردع المتبادل المضمون" (MAD).
اليوم، في 2025، يعيد التاريخ نفسه بصورة مشوهة. عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أعادت إشعال الجدل حول "حرب باردة 2.0"، مع تركيز على المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، ودعم روسيا للصين في مواجهة الهيمنة الغربية. على عكس الحرب الباردة، حيث كانت الولايات المتحدة والسوفييت منعزلين اقتصادياً، أصبح العالم اليوم مترابطاً: الصين تملك مليارات الدولارات من واردات النفط الروسي منذ 2023، مما يدعم اقتصاد موسكو رغم العقوبات. هذا الترابط يجعل التصعيد أكثر خطراً، إذ يمكن أن يؤدي إلى انهيار سلاسل التوريد العالمية، كما حدث جزئياً مع جائحة كوفيد-19.
التشابهات: شبح الحرب الباردة يعود
رغم الاختلافات، تكررت العديد من ملامح الحرب الباردة في 2025:
- المنافسة بين القطبين: الولايات المتحدة والغرب (الناتو+) مقابل روسيا والصين (بريكس+). كما كان السوفييت يدعمون كوبا، تدعم الصين روسيا في أوكرانيا عبر صفقات اقتصادية وعسكرية، بما في ذلك تمارين بحرية مشتركة في بحر اليابان في أغسطس 2025.
- الحروب بالوكالة: أوكرانيا هي "فيتنام" الجديدة، حيث خسرت روسيا نصف مليون جندي، لكنها تستمر بدعم من كوريا الشمالية وإيران. في الشرق الأوسط، يدعم إيران "حلفاءها" في لبنان وسوريا، بينما تدعم الولايات المتحدة إسرائيل، مما يعيد صورة الصراعات في الشرق الأوسط خلال الحرب الباردة.
- السباق التسلحي: الإنفاق العسكري ارتفع إلى أعلى مستوياته منذ نهاية الحرب الباردة، مع تركيز على الذكاء الاصطناعي والسايبر. الصين تطور أسلحتها في بحر الصين الجنوبي، بينما توسع روسيا نفوذها في أوروبا الشرقية.
- الدعاية والتأثير: كما استخدم السوفييت الدعاية، تستخدم روسيا والصين عمليات التأثير عبر وسائل التواصل، كما في حملات التشويش على الانتخابات الأمريكية أو دعم الجنوب العالمي لـ"النظام المتعدد الأقطاب".
الاختلافات: حرب باردة 2.0 في عصر الاقتصاد المترابط
لكن الواقع الراهن يتجاوز الحرب الباردة في تعقيده:
- الاقتصاد المعولم: على عكس العزلة السوفييتية، تعتمد الصين على التجارة العالمية. حظر الرقائق الأمريكية على الصين دفع بكين إلى تطوير بدائل محلية، مما يعزز "التفكك الاقتصادي" (deglobalization)، لكنه يخاطر بانهيار الأسواق العالمية.
- التعددية القطبية: لم تعد ثنائية؛ الهند، البرازيل، ودول الخليج تتبع سياسة "التوازن"، مما يضعف التحالفات التقليدية.
- التكنولوجيا كسلاح: الحرب الإلكترونية والذكاء الاصطناعي يغيران قواعد اللعبة. هجمات روسية على كابلات الإنترنت الأوروبية في 2025 تشبه تكتيكات الصين ضد تايوان.
- المناخ والموارد: تغير المناخ يفاقم النزاعات، كما في السودان والكونغو، حيث يؤدي الجفاف إلى نزوح ملايين، مما يضيف طبقة بيئية غائبة عن الحرب الباردة.
البؤر الساخنة: خريطة التصعيد في 2025
في 2025، تتركز التوترات في ثلاث جبهات رئيسية، تشبه الحرب الباردة لكنها أكثر قرباً من التصعيد:
1. أوروبا الشرقية: أوكرانيا كبوابة
غزو روسيا مستمر، مع مكاسب عسكرية بطيئة في الشرق، لكن بخسائر هائلة (نصف مليون قتيل وجريح). قمة السلام في ألاسكا بين ترامب وبوتين في أغسطس فشلت، مع رفض كييف لأي تنازل عن الأراضي. إذا امتد الصراع إلى جورجيا أو مولدوفا، قد يفعل الناتو المادة 5، محولاً النزاع إلى حرب أوروبية.
2. الشرق الأوسط: الشرارة الإقليمية
الحرب بين إسرائيل وإيران، مع دعم روسي لطهران، أدت إلى تصعيد نووي محتمل. إيران توفر أسلحة لروسيا في أوكرانيا، بينما تهدد الولايات المتحدة بقطع الدعم إذا امتد الصراع إلى الخليج. السودان وغزة تضيفان إلى "موجة النزاعات"، مع ملايين النازحين في الكونغو وحدها.
3. آسيا: تايوان كقنبلة موقوتة
الصين ترفض استقلال تايوان، مع تمارين عسكرية متكررة في المضيق. غزو محتمل يهدد بتعطيل 90% من الرقائق العالمية، مما يجذب الولايات المتحدة واليابان. كوريا الشمالية، بدعم روسي، تزيد من برنامجها النووي، مما يهدد كوريا الجنوبية.
التحالفات الجديدة: من ثنائية إلى تعددية
