مراحل تشكّل الفحم الطبيعي وعوامل تكوينه عبر العصور

مراحل تشكّل الفحم الطبيعي وعوامل تكوينه عبر العصور

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

مراحل تشكّل الفحم الطبيعي وعوامل تكوينه عبر العصور

image about مراحل تشكّل الفحم الطبيعي وعوامل تكوينه عبر العصور

الفحم من أقدم وأهم المصادر الطبيعية للطاقة التي استخدمها الإنسان منذ قرون طويلة، ولا يزال حتى اليوم يلعب دوراً رئيسياً في العديد من الصناعات وإنتاج الطاقة الكهربائية. لفهم طريقة تكوين الفحم لا بد أولاً من معرفة أنه يُصنَّف ضمن الوقود الأحفوري، أي أنه مادة ناتجة عن تحلل بقايا الكائنات الحية القديمة عبر ملايين السنين تحت ظروف جيولوجية خاصة. وفيما يلي شرح مفصل لمراحل تكوينه والعوامل المؤثرة في خصائصه.

1. الأصل النباتي للفحم


يبدأ تكوين الفحم من بقايا النباتات، خصوصاً تلك التي كانت تنمو في المستنقعات والغابات الكثيفة منذ عصور جيولوجية سحيقة مثل العصر الكربوني قبل نحو 300 مليون سنة. كانت هذه النباتات تتساقط أوراقها وجذوعها وتغمرها مياه المستنقعات، ما يحول دون تحللها الكامل بفعل البكتيريا نتيجة نقص الأكسجين. ومع تراكم هذه المواد العضوية يتشكل ما يسمى “الخُث” (Peat)، وهو المرحلة الأولى في سلسلة تكوين الفحم.

2. التحول إلى الخث (Peat Formation)


الخث هو مادة إسفنجية داكنة اللون تحتوي على نسبة عالية من الماء والمواد العضوية غير المتحللة. في هذه المرحلة يبدأ الضغط الطبيعي الناتج عن تراكم الرسوبيات فوق الخث في طرده للمياه والغازات تدريجياً، مما يزيد من تركيز الكربون في المادة العضوية. ومع استمرار تراكم الطبقات الرسوبية يزداد الضغط ودرجة الحرارة، وهنا تبدأ عملية التحول الكيميائي المعروفة باسم “التفحم” أو Coalification.

3. المراحل الرئيسة للتفحم


تتدرج عملية التفحم عبر أربع مراحل رئيسية، يختلف فيها نوع الفحم الناتج بحسب درجة الحرارة والضغط والزمن:

اللِّغنيت (Lignite): ويعرف بالفحم البني، يحتوي على نسبة عالية من الرطوبة والكربون المنخفض نسبيًا، ويُعد أقل أنواع الفحم قيمة حرارية.

الفحم القيري (Bituminous): مرحلة متوسطة حيث يزداد تركيز الكربون وتتحسن القيمة الحرارية، وهو النوع الأكثر استخداماً في إنتاج الكهرباء وصناعة الفولاذ.

الأنثراسيت (Anthracite): أعلى درجات التفحم، يتميز بأعلى محتوى من الكربون وأقل نسبة من الشوائب، مما يجعله أكثر صلابة وكثافة وقيمة حرارية.

في بعض الحالات قد يسبق هذه المراحل وجود ما يسمى بـ “الفحم تحت القيري” (Sub-bituminous) الذي يمثل انتقالاً بين اللغنيت والفحم القيري.

4. العوامل الجيولوجية المؤثرة


تلعب عوامل عدة دوراً محورياً في تحديد خصائص الفحم المتكوّن:

الضغط وعمق الدفن: كلما زاد العمق ارتفع الضغط، ما يسرّع عملية طرد الماء والمواد الطيارة ويزيد نسبة الكربون.

درجة الحرارة: الحرارة العالية تساعد على إعادة ترتيب البنية الكيميائية وتحويل المادة العضوية إلى أشكال أكثر تركيزاً للكربون.

الزمن: عملية التفحم تحتاج إلى ملايين السنين، لذا فإن المدة الطويلة تسمح بتكوين أنواع أعلى جودة.

5. الأهمية الاقتصادية والبيئية


الفحم يُستخدم على نطاق واسع في توليد الكهرباء وصناعة الصلب والإسمنت. لكن استخراج الفحم وحرقه يسبب انبعاثات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وملوثات أخرى، ما يسهم في التغير المناخي وتلوث الهواء. لذلك تُبذل اليوم جهود للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة وتقنيات “الفحم النظيف” للحد من الآثار البيئية.

خلاصة
إن تكوين الفحم عملية طبيعية معقدة تبدأ من تراكم بقايا النباتات في بيئات رطبة خالية من الأكسجين، ثم تخضع هذه البقايا لضغوط وحرارة هائلة عبر ملايين السنين، ما يؤدي إلى تحوّلها تدريجياً من الخث إلى أنواع الفحم المختلفة. هذا التحول البطيء يفسر سبب اعتباره مورداً غير متجدد، ويؤكد أهمية استخدامه بحكمة وتطوير بدائل طاقة أكثر استدامة.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
lama
حقق

$0.48

هذا الإسبوع
المقالات

7

متابعهم

4

متابعهم

1

مقالات مشابة
-