السطو المسلح بمروحية : السرقة الأشد جرأة في تاريخ السويد

السطو المسلح بمروحية : السرقة الأشد جرأة في تاريخ السويد

Rating 0 out of 5.
0 reviews

السطو المسلح بمروحية : السرقة الأشد جرأة في تاريخ السويد

يستلهم مسلسل Heist The Helicopter أحداثه من وقائع واقعية، وقد جرى اقتباسه عن رواية نصف تخيلية بعنوان Helikopterrånet للكاتب السويدي يوناس بونبير، الذي أجرى مقابلات مع أربعة من اللصوص في السجن. وباختصار، تم تكييف الكثير من العناصر لأغراض درامية. بدءاً من تغيير أسماء جميع الشخصيات في المسلسل، بالإضافة إلى إدخال شخصيات جديدة. ومع ذلك، أبقى العمل على أسماء الأماكن والجهات الأمنية كما هي لتقريب الالتباس وجعل السرد أقرب إلى الواقع. بل إن تسلسل الأحداث قبل السطو وبعده يطابق بدقة ما جرى في الحقيقة.

في 23 سبتمبر 2009 قرابة الساعة 5:15 صباحاً، هبطت مروحية من طراز بيل 206 كانت قد أقلعت من نورتيليه في وقت سابق من تلك الليلة على سطح مبنى G4S عالي التحصين في فاستيراس بستوكهولم.و وفقاً للتقارير، تفاجأ شاهد يدعى أدريان كولافيتش بالمشهد. فمن نافذته رأى ثلاثة رجال ملثمين يقفزون من المروحية. وحسب روايته، كان أحدهم يحمل مطرقة ثقيلة ويحاول تهشيم زجاج G4S المقوى على السطح لفتح طريق إلى الداخل. وقد تبين أن ذلك الشخص هو شيروان صفاء كاظم، ابن مهاجرين عراقيين يقيمون في السويد. وفي مسلسل نتفليكس، تستند شخصية رامي فرحان إلى كاظم.

image about السطو المسلح بمروحية : السرقة الأشد جرأة في تاريخ السويد

رافقه شريكان: شيربل شارو، معلم تربية بدنية من أصول سورية ولد ونشأ في السويد، وميكائيل سودرغرين، الخبير بالمنفجرات، الذي ساعد العصابة في تفجير الأبواب عالية التأمين داخل مستودع الأموال. في نسخة نتفليكس، تستند شخصية ميشيل معلوف صديق رامي منذ الطفولة إلى شارو، بينما تقابل شخصية نيكلاس لارسون نظيرها ميكائيل. وقد غيّرت أعمار هؤلاء في المسلسل، واتخذت حريات فنية في تصويرهم. على سبيل المثال، لم يكن كاظم الحقيقي متزوجاً أثناء عملية السطو؛ ورغم أن صديقته كانت حاملاً، فقد احتاج إلى المال لسداد ديونه.

image about السطو المسلح بمروحية : السرقة الأشد جرأة في تاريخ السويد

استخدم اللصوص سلمين للدخول إلى المبنى من السطح، ثم لجأوا إلى عبوات صغيرة لتفجير الأبواب الأمنية وفتح الطريق إلى غرفة الأموال. كانوا يظنون أن المخزن سيكون خالياً في تلك اللحظة، لكن التقارير تشير إلى أن ما لا يقل عن 20 موظفاً كانوا داخل المبنى وقت السرقة – ما يعني أن معلوماتهم كانت مغلوطة. وما إن بدأت الانفجارات، حتى أخذوا معظم المال عبر المصعد، بينما أُقفلت الفئات الصغيرة داخل أقفاص معدنية، وهو تفصيل يعرضه مسلسل نتفليكس أيضاً.

استولى اللصوص على نحو 39.1 مليون كرونة سويدية من المخزن بما يعادل 4 مليون دولار، وبعد 20 دقيقة عادت المروحية إلى السطح لتُقلع بهم. وبحسب التقرير الشرطي، كان الطيار الذي يقود المروحية هو ألكسندر إريكسون، منتج تلفزيوني ومصوّر، وقد استندت شخصية أكسل بروببرغ في المسلسل إلى سيرته. وإلى جانب عمله التلفزيوني، شغل إريكسون منصب مدير تسويق في شركة لطاقة الرياح شارك في تأسيسها مع عمه. وكما نظيره الخيالي، كان إريكسون مدمناً على المخدرات. وقد افترض الرأي العام أن إريكسون كان مديناً لأشخاص خطيرين، ما رجح أن ذلك دفعه للمشاركة في العملية، رغم أن الدافع الحقيقي لم يكشف قط. وفي الواقع، لم يعترف أي من المشتبه بهم – باستثناء كاظم – بتورطه في السرقة، وما زالوا يعلنون براءتهم حتى اليوم.

أما القصص الخلفية لمعظم الشخصيات التي شاهدناها في مسلسل نتفليكس، فمستندة أساساً إلى مقابلات أجراها يوناس بونبير؛ ولا توجد أداة قاطعة تحدد ما إذا كانت هذه التفاصيل دقيقة أم مشوّقة لأغراض درامية. ومع ذلك، ذكر كاظم في شهادته الرسمية أنه أجبر على المشاركة لأنه كان مديناً للعقل المدبّر للعملية (ولم يكشف حتى الآن عن أسماء شركائه).

image about السطو المسلح بمروحية : السرقة الأشد جرأة في تاريخ السويد

كانت الفوائد تتراكم. فعرض عليه المقرض حالاً سهلاً لتصفية ديونه: أن يشارك في العملية الكبرى. وطلب منه أيضاً أن يحمل بندقية غير محشوة ويظهرها أمام كاميرا المراقبة لإخافة الشرطة ومنعها من دخول المبنى.

أما اللاعب الرابع البارز في العصابة، غوراني وبيوفيتش ، وهو أكبرهم سناً، فكثيراً ما تصفه وسائل الإعلام بـ "الرئيس". كان مواطناً سويدياً من الجيل الأول، ينحدر والداه من مونتينيغرو، وقد استُلهمت منه على نحو فضفاض شخصية زوران بيتوفيتش في المسلسل. قبل السطو، تواصل بيوفيتش مع رجل عصابات سابق في ستوكهولم يُدعى ميلان سيفو. وكانت السلطات الأمنية تراقب سيفو مسبقاً وتتنصت على مكالماته، فالتقطت حديثه مع يويغبتش الذي ذكر فيه عملية سطو يحتاج فيها إلى طيار مروحية. لم تكن الأجهزة تعرف متى وأين ستقع الجريمة، لكنها أدركت أن الهدف سيكون مخزن أموال في ستوكهولم.

في 27 أغسطس 2009، أي قبل نحو شهر من السطو، أبلغت وزارة الخارجية الصريبة السلطات السويدية بمخطط يتضمن مروحية. وعلى الآثر، وضعت الشرطة السويدية بويوفيتش تحت المراقبة لمعرفة المزيد عن خططة. وكانت من بين الضباط الذين تابعوه ضابطة تدعى أبكا يبرسون. وفي المسلسل، يواجه النظير الدرامي ليويوفيتش هذه الضابطة في موقف سيارات بينما كان برفقة شارو. لكن بويوفيتش كان عقلاً إجرامياً مخصصاً؛ إذ كان يدرك أساليب عمل أجهزة إنفاذ القانون، ولذلك تمكن مراراً من خداع فرق المتخفين ورقابة التحرّي. والكثير مما يُظهره المسلسل حول كيفية تضليل زوران بيتروفيتش للشرطة جاء مطابقاً إلى حد كبير للوقائع.

image about السطو المسلح بمروحية : السرقة الأشد جرأة في تاريخ السويد

وإلى جانب هؤلاء الآربعة، أدين أربعة معتدين آخرين بنثر المسامير الشوكية على الطرق المؤدية إلى مستودع الأموال لتعطيل مركبات الشرطة، وبوضع عبوان وهمية قرب المروحية الشرطة. ووفقاً للتقارير، وضع مهاجمان حقيبتين تحملان علامة "قنابل" في قاعدة مروحيات الشرطة في ميتنغف، ما ردع الطيارين عن الاقتراب من الطائرة وأتاح للعصابة فرصة الهروب الكبير. وتشير التقارير الرسمية إلى أن ما لا يقل عن 20 مجرماً شاركوا في السطو، لكن سبعة فقط أدانتهم محكمة المقاطعة.

بعد السطو، لعبت العينات الوراثية المستحصلة من مسرح الجريمة دوراً محورياً في الإيقاع بالجناة. امتلكت الشرطة أدلة حمض نووي ضد ثلاثة متهمين رئيسيين: صفاء كاظم (دم غير عليه داخل المخزن)، وألكسندر إريكسون (حمض نووي جمع من المروحية المتروكة ومن جهاز تتبع GPS)، وميكانيل سودرغزن (آثار على أسلاك المفجرات داخل المنشأة). أما في ما يخص بويوفيتش وشريكه السابق شارو، فلم تتوافر لدى الشرطة أدلة مادية قاطعة، فاعتمدت على محللي السمات الإجرامية. وفي المسلسل، ظلت ليوني هامسبك تطالب بهؤلاء المحللين منذ بداية التحقيق، معتقدةً بوجوب تتبع هواتف أفراد العصابة لرسم مسارات هرويهم واجتماعاتهم السّربة. كان ذلك الخيط الوحيد القادر على وصل النقاط. وبالاستعانة بتقنية أدخلت حديثاً، تمكن المحققون من ربط الهواتف التي استخدمها اللصوص. وقد رسم المحللون مواقع كل الهواتف المؤقتة التي فقلت لأول مرة تلك البيئة وتبين أنها تركزت قرب خطأ سير العصابة.

image about السطو المسلح بمروحية : السرقة الأشد جرأة في تاريخ السويد

كما ورد في مسلسل The Helicopter Heist في الواقع، اكتشفت الشرطة أثناء مراقبتها لبيوفيتش اجتماعه السري مع إريكسون. وقد شهدت الضابطة المخضرمة آنا بيرسون أمام المحكمة بأنها رأت إريكسون يلتقي ب بيوفيتش بعد وقت قصير، ثم اضطر المشتبهان للاعتراف بالحقيقة. وقد حاولا تغيير روايتهما بشأن هدف الاجتماع. لكن الخلاصة أن الأدلة ضد بيوفيتش كانت كافية لإدانته، فحكم عليه بالسجن ثماني سنوات.

أما شارو، فكما في نظيره الدرامي، لم يخلف أي أثر مادي لا قبل السطو ولا بعده، لذلك استند توقيفه حصراً إلى تحليل حركة الاتصالات الهاتفية. وبعبارة مباشرة، تمكنت الشرطة من إثبات "وجوده" لا تورطه المباشر. وبعد أن قدّم الإدعاء العام هذه الآدلة إلى محكمة المقاطعة، تمكن ليف غورنس من إرسال شارو إلى السجن لنحو 5 سنوات، وهي أخف عقوبة بين اللصوص الرئيسيين الضالعين في السطو (مع استثناء من وضعوا المسامير).

image about السطو المسلح بمروحية : السرقة الأشد جرأة في تاريخ السويد

كما ورد في المسلسل، حاول النظير الواقعي لآكسل الفرار إلى جزر الكناري، لكن الشرطة السويدية ألقت القبض عليه في مطار ستوكهولم الدولي. وفي النهاية، حكم على الطيار ألكسندر إريكسون بالسجن 8 سنوات. وأخيراً، فرّ صفاء كاظم— تماماً كنسخته الدرامية رامي فرحان— إلى جمهورية الدومينيكان، حيث ألقي القبض عليه في بويرتو بلاتا في يناير 2010 وأُعيد إلى السويد. ونظراً لصلته المباشرة بالسطو، نال هو الآخر حكماً بالسجن 8 سنوات (بما يشمل العقوبة المشددة التي قضت بها المحكمة).

مضى نحو 15 عاماً على الجريمة، لذا يحتمل أن يكون جميع أفراد العصابة قد قضوا عقوباتهم ويعيشون حياة عادية الآن. ولم تُسترد الأموال المسروقة قط، رغم أن الشرطة صادرت 118,000 كرونة بما يعادل 12 ألف دولار من شقة بيوفيتش وقت اعتقاله. ولا يُعرف المصير الحقيقي للمبلغ، مع ترجيحات بأنه خضع لعمليات غسل وتم ضخه في أعمال يصعب تتبعها.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

0

followings

0

similar articles
-