
اغاني المخربانات المصرية
أغاني المخربانات ( المهرجانات)
أكثر ما يثير إستفزازي وإشمئزازي هي أغاني المهرجانات ... وكونك مصري فأنت بلا شك مُحاط بذلك التلوث السمعي من جميع الإتجاهات، حيث ستجدها في الشارع أو في وسائل المواصلات أو في الحفلات والمناسبات أو عند تصفحك لمواقع التواصل . وقد صادفتني أغنية من تلك الأغنية في إحدى وسائل المواصلات، وكالعادة لم أفهم منها سوى كلمات بسيطة أو بالأحرى جملتين هما( أسيح الزبدة وأشوح الكبدة).
الكبدة
للوهلة الأولى إعتقدت أن الأغنية من الممكن أن تكون لها نمط مخالف لذلك اللون من تلك الأغاني وأنها تتحدث عن شاب يعمل طباخ مثلاً ويشرح طريقة عمل الكبدة ، أو تستعرض قصة نجاح شاب تخرج من الجامعة فلم يجد عملاً فقرر أن ييفتتح مشروعاً خاص به والمتمثل في عربة الكبدة ، ومن خلال الأغنية نرى قصة نجاح هذا الشاب وكيف أنه واجه بعض الصعوبات في البداية حتى أصبح يمتلك أكبر سلاسل مطاعم كبدة في البلد، ولكن سرعان ما إنتبهت لإستحالة أن يكون الإفتراض الأخير هذا صحيح ، لأن الأغنية تقول ( أسيح الزبدة ) ومن المعروف أن أصحاب عربات الكبدة في مصر لا يستخدمون الزبدة في طهي الكبدة حرصاً على صحة الزبائن.
نفس الاغاني المعتادة
عند العودة للمنزل قررت البحث عن تلك الاغنية ومحاولة فهم معاني كلماتها لعل وعسى أن تكون لون آخر يختلف عن تلك الأغاني المعتادة، ولكن خاب ظني، فعند تفسيركلماتها وفك بعض الطلاسم والتمعن في وجه بطل الاغنية، وجدتها لا تختلف إطلاقاً عن فئتين تلك الأغاني.
فمن خلال سماعي لتلك الأغاني - رغماً عني والله - إستطعت تقسيمها إلى فئتين هما: ( رامبو - الغزل القبيح).
رامبو
وفي فئة رامبو يكون الشخص الذي يغني ( وأنا آسف إن كنت بقول يغني) هو البطل الذي يستطيع هزيمة كتيبة بمفرده أو البارع في إستخدام جميع الأسلحة البيضاء والسوداء بداية من المطواه وصولاً إلى السلاح الآلي بل هناك من سولت له نفسه وإستخدم الآر بي جي في معاركه مع خصومه، وبالطبع يكون هو المنتصر دائماً وينهي المعركة بهجاء أعدائه ، دون ذكر سبب المعركة أصلاً من البداية، ولو كان ذكرها لكانت هناك فرصة لتدخل العقلاء ومنع نشوب تلك المعركة من الأساس والمحافظة على الارواح وبعض الذخيرة.
الغزل القبيح
أما الفئة الثانية من تلك الأغاني فهي الغزل القبيح وهى النسخة الحديثة من الغزل، فقد كان قديماً هناك نوعان من الغزل هما الغزل الصريح والغزل العفيف. أما الآن فالطريقة التي يصف فيها مطرب تلك الأغاني ( وانا آسف على كلمة مطرب) حبيبته أقل ما يقال عنها إنها +18 لأن المطرب ( حقيقي أنا آسف مش هتتكرر تاني) يترك العيون والرموش والشعر ومنطقة الوجه عموماً ويبدأ التغزل في مناطق أخرى.
محاولة التعديل
من هنا راودتني فكرة أرجو أن يعاونوني عليها الأخوة المجرمين كاتبي تلك الأغاني ، وهي إن كان لابد من وجود تلك الأغاني فلماذا لا نبحث عن فئة جديدة مع الإحتفاظ بنفس الموسيقى الصاخبة المزعجة تلك ، فعلى سبيل المثال تغيير فكرة أن يكون بطل الأغنية هو الذي يهابه الجميع و يهزم خصومه دوماً في كل أغانيه ، وهنا لا أقول أن البطل يخسر معركة أو يتم ضربه لاسمح الله، ولكن من الممكن أن تضرب الأغنية مثالاً رائعاً في التسامح فتتحدث عن كيف أن أعداء البطل أخطأوا في حقه وحاولوا ضربه ولكنه سامحهم وأصبحوا أصدقاء ثم قام البطل في الاغنية بالثناء عليهم وذكر بعض الصفات الجميلة فيهم أو إن البطل منع وقوع مشاجرة ما ونصح الجميع بعدم إستعمال أى نوع من أنواع الأسلحة والإكتفاء فقط بالشتائم، فإستجاب له وتم الصلح بين الفريقين.
أما الأغاني التي تتناول قضايا الغزل وإذا كان لابد أن يصف بطل الاغنية حبيبته ،فمن الممكن أن يحاول التركيز على الأشياء المعنوية أكثر في محبوبته وأن يترك الأشياء المادية قليلاً ، فعلى سبيل المثال من الممكن أن تتحدث الاغنية عن حياء الفتاة وأدبها وكيف أن الفتاة ترفض التحدث مع أحد بدون أن تربطهما أي علاقة رسمية مثل أن يكون ( أخوها – أبوها - خطيبها- جارها - قريبها - صاحب أخوها - البقال - الفكهاني - الجزار - العطار )
في النهاية من الواضح أن تلك الاغاني لديها جمهورها والدليل على ذلك هي حجم المشاهدات الموجودة على مواقع التواصل وكذلك ترددها اليومي في أرجاء المحروسة، ولكن ليس من المنطقي أن تكون الوجهة الفنية لبلدنا هي تلك الاغاني بما تحمله من ألفاظ غير مرحب بها على مسامع أي مصري محترم