
المغرب وجنوب إفريقيا: تجاذب سياسي مستمر حول قضية الصحراء
المغرب وجنوب إفريقيا: تجاذب سياسي مستمر حول قضية الصحراء
الرباط – بريتوريا | مراسل الشؤون الإفريقية
تشهد العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا توتراً دبلوماسيًا مستمرًا بسبب التباين الحاد في مواقف البلدين بشأن قضية الصحراء المغربية. ففي الوقت الذي تؤكد فيه الرباط على سيادتها الكاملة على الأقاليم الجنوبية، وتدفع نحو تسوية سياسية في إطار مبادرتها للحكم الذاتي، تصر بريتوريا على دعم جبهة البوليساريو، ما يعمّق الخلاف بين اثنتين من أبرز القوى الإقليمية في القارة الإفريقية.
دعم متجذّر من جنوب إفريقيا للبوليساريو
منذ نهاية حقبة الفصل العنصري، تبنت جنوب إفريقيا سياسة خارجية داعمة لحركات "تقرير المصير"، ما جعلها من أبرز الداعمين لجبهة البوليساريو على الساحة الدولية. ويُنظر في الرباط إلى هذا الدعم باعتباره موقفًا "أيديولوجيًا متصلّبًا" لا يأخذ بعين الاعتبار المستجدات الإقليمية والدولية المحيطة بالقضية.
وفي تصريحات متكررة، اعتبر مسؤولون مغاربة أن الموقف الجنوب إفريقي "منفصل عن الواقع"، خاصة بعد الزخم الدبلوماسي الذي عرفته القضية، مع افتتاح أكثر من 30 قنصلية إفريقية وعربية وآسيوية في مدينتي العيون والداخلة، في خطوة فُسّرت على نطاق واسع كاعتراف فعلي بمغربية الصحراء.
تباين المواقف داخل الاتحاد الإفريقي
ورغم محاولات جنوب إفريقيا الحفاظ على دورها القيادي داخل الاتحاد الإفريقي، إلا أن عودة المغرب إلى المنظمة القارية عام 2017 غيّرت موازين التأثير. حيث تمكّنت الدبلوماسية المغربية من كسب تأييد عدد متزايد من الدول الإفريقية، التي باتت تدعم الحل السياسي تحت إشراف الأمم المتحدة، وتعتبر المقترح المغربي أرضية واقعية وقابلة للتنفيذ.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن نفوذ جنوب إفريقيا داخل الاتحاد بدأ يتراجع بشأن هذا الملف، أمام تصاعد الأصوات المؤيدة لمقاربة المغرب.
توتر ينعكس على العلاقات الثنائية
وقد انعكست هذه الخلافات على العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث يخيّم الفتور على التعاون الاقتصادي والسياسي بين الرباط وبريتوريا، رغم الإمكانات الكبيرة التي يتيحها التقارب بين قوتين اقتصاديتين صاعدتين في إفريقيا. ولم تُسجّل أي زيارة رفيعة المستوى بين الجانبين خلال السنوات الأخيرة، كما ظل الحوار السياسي مجمّدًا في أكثر من مناسبة.
آفاق التحول: هل تتغير المواقف؟
في ظل التحديات الإقليمية، خصوصًا ما يتعلق بالأمن، والتكامل الاقتصادي، وملف التغيرات المناخية، يرى مراقبون أن الطرفين قد يجدان أنفسهما مضطرين لتخفيف حدة التوتر، والبحث عن قنوات غير مباشرة للحوار. إلا أن ذلك يظل مرهونًا بإرادة سياسية من الطرف الجنوب إفريقي لإعادة النظر في مقاربته للملف، بما يتناسب مع التحولات الجارية داخل إفريقيا وخارجها.
.