صراع الإنسان مع الطبيعة، واللحظة التي تُحدِّدُ مَن ينتصر: الإرادة أم الموت.

صراع الإنسان مع الطبيعة، واللحظة التي تُحدِّدُ مَن ينتصر: الإرادة أم الموت.

0 المراجعات

رحلة إلى قمة المستحيل
قصة صراع الإنسان مع الطبيعة، واللحظة التي تُحدِّدُ مَن ينتصر: الإرادة أم الموت.


البداية: حلم القمة

لم يكُن فريق "ألفا" لتسلق الجبال مجرد مجموعة هواة، بل أفراداً اختبروا صقيع الهيمالايا ورياح كليمنجارو. لكن قمة إيفرست كانت حلماً مختلفاً، ففي سبتمبر 2023، قرروا تحدي "سقف العالم" عبر المسار الجنوبي، الأكثر خطورةً بسبب التغيرات المناخية المفاجئة. بينهم كان ياسر، المصور المغامر الذي أراد توثيق الرحلة، وليلى، الطبيبة الوحيدة في الفريق، وكمال، القائد ذو الخبرة الذي حذَّرهم:
"الطقس خائن.. إذا انقلب، لن نعود".


الكارثة: عاصفة تأكل الأمل

بحلول اليوم الخامس، وصلوا إلى 8,000 متر، حيث يُصبح الهواء سُمّاً والحركة كابوساً. فجأة، تحوَّلت السماء الزرقاء إلى سحابة سوداء، وانفجرت عاصفة ثلجية لم تُشهد منذ عقود. الرياح تجرف الخيام، ودرجة الحرارة تهوي إلى -50°C، والرؤية تصبح صفراً. حاول الفريق النزول، لكن مسارهم اختفى تحت الثلوج، واتصالهم بالقاعدة انقطع.

في خيمة ممزقة، اجتمعوا حول مدفأة محمولة آخذة في الموت. قال كمال:
"الطعام يكفي ليومين.. والوقود لن يصمد".
ليلى نظرت إلى ياسر يرتجف من البرد، فقررت إعطائه حقنة كورتيزون لإنقاذه من وذمة رئوية، بينما همست:
"إذا لم يصل الإنقاذ غداً، سنموت جميعاً".


التمرد: صراع البقاء

بحلول الليل، تحوَّل اليأس إلى غضب. أحمد، أصغر أفراد الفريق، اشتعل:
"لماذا لم تتحققوا من النشرة الجوية؟!"
كمال حاول تهدئته، لكن أحمد اندفع خارج الخيمة صارخاً:
"سأجد طريقاً أو أموت محاولاً!"
اختفى في الثلوج، ولم يُعثر له على أثر.


الإنقاذ: هدير في الظلام

بعد 72 ساعة من العزلة، سمعوا صوت مروحية تُحلِّق في الأعماق. رفع ياسر كاميرته، وأطلق إشارة ضوئية عبر عدستها. المروحية اقتربت، لكن الرياح الشديدة منعتها من الهبوط. عندها، ربط الفريق أنفسهم بحبل واحد، وزحفوا نحو حافة تُطل على منحدر مُغطى بالجليد.

في اللحظة التي بدا فيها أن الموت حتمي، ألقى فريق الإنقاذ حبال النجاة، وتم سحبهم واحداً تلو الآخر. بينما كان ياسر يُسجل اللحظة بكاميرته، قال:
"هذه ليست نهاية.. بل دليل أن المستحيل مجرد وهم".


ما بعد العاصفة

نجا ثلاثة من أصل خمسة. عادوا إلى العالم يحملون جثتي أحمد وكمال، لكنهم أيضاً حملوا درساً: في القمة، تُختبر الروح قبل الجسد. لم تكن الرحلة صراعاً مع الجبل، بل مع الذات.

اليوم، تُعرض كاميرا ياسر في متحف المغامرات، وصورته الأخيرة على الحافة تُذكِّر العالم بأن الإنسان لا يتسلق الجبال ليهزمها، بل ليكتشف ماذا يُخبئ بداخله.


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
A&m

المقالات

1

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة