لماذا كان أينشتاين شديد الذكاء
الفيزيائي ألبرت أينشتاين دائماً ما يضرب به المثل في الذكاء، بل حتي و في حواراتنا اليومية إذا صادفنا شخصاً ذكياً أو متفوقاً نلقبه بأينشتاين.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يُذكر دائماً أينشتاين دوناً عن غيره من العلماء، هل هو فعلاً أذكي شخص في العالم أم هناك أخرون أكثر ذكاء منه.
هل أينشتاين هو الأذكي في العالم أم هناك من هم أكثر ذكاء منه؟
تكمن إجابة هذا السؤال في خمسة أقسام:
●داخل عقل أينشتاين
●معدل ذكاء أينشتاين
●حقيقة معدل الذكاء
●الهدف
●الثقوب السوداء
●داخل عقل أينشتاين
ماذا تعتقد أننا سنجد إذا تعمقنا داخل عقل أينشتاين؟
بالرغم من غرابة هذا السؤال إلي أنه يملك إجابة بالفعل.
قبل أن يموت أينشتاين وصي بأن تحرق جثته بالكامل، لكن الطبيب و أخصائي علم الأمراض توماس هارفي أثناء معاينته للجثة سرق مخ أينشتاين بدون علم أي أحد.
لأنه إعتقد أن مخ أينشتاين يحمل السر الكامن خلف عبقريته.
و وضع هذا المخ في وعاء من مادة الفورمالين، وقام بتصويره بالأشعة السينية وبدأ بإجراء فحوصات وأبحاث عليه في السر.
وبعد عشرات السنين أعلن عن فعلته، وبدأ باحثين آخرين في المشاركة في دراسة مخ أينشتاين.
و قد وجدوا أن مخ أينشتاين يزن حوالي ١٢٣٠ جرام، والذي يعتبر أقل بدرجة بسيطة عن المعدل الطبيعي لوزن مخ الإنسان.
ولاحظوا أن بعض أجزاء دماغه كانت أكثر سمكاً من الطبيعي، وتوقعوا أن النصف الأيمن والنصف الأيسر من عقل أينشتاين كانوا متصلين ببعضهم بشكل قوي.
و هذا قد يكون محفز في الذكاء والإبداع بشكل أو بأخر، ولكن تركيبة عقله و حجمه لم يكن شيئاً مثيراً للإهتمام، لأنه ليس سبباً كافياً ليجعل من أينشتاين عبقرياً.
وبالفعل إحصائياً أينشتاين ليس الأذكي في العالم، بل ومن المفاجئ أنه حتي ليس من قائمة أذكي ألف شخص.
فالآلاف من الناس يتقدمون ألبرت أينشتاين في الذكاء.
معدل ذكاء أينشتاين
يقدر العلماء متوسط معدل ذكاء الشخص العادي ب ١٠٠ درجة، وإذا وصل هذا الرقم ل ٧٠ درجة أو أقل فهذا يعني أن هذا الشخص غير ذكي.
وإذا وصل هذا الرقم ل ١٣٠ درجة أو أعلي فهذا يعني أن الشخص حاد الذكاء.
وحينما قدروا درجة ذكاء ألبرت أينشتاين وجدوا أنه حوالي ١٦٠ درجة، وإن كنت تظن أنه رقم خرافي، دعني أخبرك أن هناك أشخاص معدل ذكائهم أكبر بكثير.
مثل إسحاق نيوتين، يقدر ذكاء إسحاق نيوتن ب ١٩٠ درجة، ولاعب الشطرنج الشهير جاري كاسبروف معدل ذكائه ١٩٤ درجة.
وعالم الرياضيات الأسترالي ترينس تاو والذي حصل علي درجة البكلريوس و الماجستير في عمر ١٦ سنة معدل ذكائه ٢٣٠.
بل وإن عالم الرياضيات الأمريكي ويليام ويليام سيديس، يقدر الباحثون معدل ذكائه ب ٢٥٠ درجة،
وقد كان ويليام متقن لمجموعة من اللغات مثل الفرنسية والألمانية واللاتينية والتركية في عمر الثامنة.
الشاهد أن كل هؤلاء الأشخاص و الكثير غيرهم ستجد أنهم يتفوقون علي أينشتاين في معدل الذكاء بفرق كبير.
و بالرغم من ذلك مازال إسم أينشتاين مرتبطاً بالذكاء والعبقرية دوناً عن غيره من الأشخاص.
خِدعة معدل الذكاء
في الحقيقة فمعدل الذكاء أو iQ ليس دليلاً كافي للحكم علي معدل ذكاء إنسان.
إختبارات معدل الذكاء المعتمدة مثل مقياس ستانفورد بينت للذكاء، ومقياس ديفيد ويكسلار توضح مدي ذكاء الإنسان ولكن من زوايا معينة فقط.
ولا تستعرض جميع قدراته الذهنية، وذلك لأن هذه الإختبارات عادة ما تكون معتمدة بشكل كبير علي الإنتباه والتمييز بين الأشياء.
و تكون معتمدة أيضاً علي الذاكرة مثل القدرة علي حفظ الأرقام وتكملة الجمل و الكلمات.
ومعظم الأسئلة يكون عامل السرعة شيء مهم جداً لحلها، وإذا كان الشخص غير سريع بما يكفي لإختيار الإجابات تكون نتيجته في معدل الذكاء أقل.
وهذه الأسباب تجعل إختبارات الذكاء ناقصة وغير كافية إطلاقاً للحكم علي معدل ذكاء إنسان.
بالطبع سرعة البديهة شيء مهم في الحكم علي الذكاء ولكنها جزء ولا يمكن أن تكون القاعدة الأساسية.
مثل شخص متفوق ولكن بطيء في الكتابة، فلا تستطيع الحكم عليه بعدم الدراسة.
إضافة إلي وجود العديد من أنواع الذكاء، فهناك بعض الناس لديهم ذكاء في المعدل اللغوي واللفظي، ولديهم مهارات مذهلة في الكتابة والقرائة ووصف الأشياء.
بينما سجد آخرين لديهم ذكاء في الرياضيات، وقدرة كبيرة علي حل العمليات الحسابية و الألغاز وتركيب وفك الأشياء.
و أشخاص آخرون لديهم ذكاء تصوري و مكاني ويستطيعون التعامل مع الصور و الألوان و الرسومات بطريقة مختلفة عن الآخرين.
كلها أنواع مختلفة من الذكاء لا نستطيع رد الطرف عنها.
الهدف
الهدف من كل ما ذكرناه هو توضيح أن أينشتاين إنفرد عن غيره من العلماء بجانب معين من الذكاء، وهذا الجانب كان القدرة علي تحليل المعلومات والتخيل العلمي الجريء وربط الأمور ببعضها.
أينشتاين لم يكن الأفضل في الرياضيات و هذا بإعترافه الشخصي،وكان يستعين بزوجته الأولي مليفا وصديقه الفيزيائي ميكيل بيسو علي حل المشاكل الرياضية التي تواجهه.
لكنه كان يملك تخيلات و رؤية معينة دوناً عن غيره من الناس، متواجدة في عقله فقط.
وحاول توضيحها علي الورق في هيئة نظريات علمية و يتأكد من صحتها، وهذا ما كان أينشتاين بارعاً فيه.
وأكبر مثال علي ذلك هي فكرة الثقوب السوداء.
الثقوب السوداء
المعاصرين لأينشتاين وصفوه بأنه جمع بين العلم و الفلسفة، و ذلك بسبب تصوراته العلمية الغريبة التي يتحدث عنها طوال الوقت.
في عام ١٩١٥ نشر أينشتاين نظرية النسبية العامة والتي تتحدث علي الجاذبية، و عدل علي قانون الجذب العام لنيوتن و الذي كان مسلم به تماماً لحوالي قرنين ونصف.
وأثار جدل كبير عنما وصف الزمان و المكان بأنهم مزيج واحد، و وضع معادلات وعلاقات دقيقة جداً تتنبأ بمدارات الكواكب حول الشمس.
و في ذلك الوقت شكك الناس في أقواله، و لكن مع حلول عام ١٩١٩ إستطاع عالما الفلك الإنجليز فرانك دايسون و ايرث ايدنجتون تطبيق معدلاته وقياسته خلال كسوف الشمس في ذلك العام.
والمفاجئة أن كل ما ذكر أينشتاين كان صحيحاً، بعدما أعاد أينشتاين صياغة قانون الجاذبية وتحدث عن الزمان والمكان، تحدث في أوراقه البحثية عن ما يسمي بالموجات الثقلية.
و توقع وجود جسم غريب في الفلك سماه بالثقب الأسود، وفي وقتها لم يستوعب أحد الأشياء التي كان يسميها ويذكرها في نظريته.
إضافة إلي عدم وجود أدوات رصد في ذلك الوقت تستطيع إثبات نظرياته.
ولكن المذهل أنه بعد مرور ١٠٠ عام من النظرية تحققت نبؤة أينشتاين.
في عام ٢٠١٦ أعلن مرصد ديجو في الولايات المتحدة الأمريكية، أنهم رصدوا الموجات الثقلية وبرهنوا بالفعل علي وجودها.
و القائمين علي ذلك الإكتشاف حصلوا علي جائزة نوبل في الفيزياء، و هما الفيزيائي راينر وايس و الفيزيائي باري بريش.
وفي عام ٢٠١٩ حدث تصوير الثقب الأسود للمرة الأولي و الذي سبب ضجة كبيرة في جميع الأوساط العلمية.
وذلك لأن الصورة التي تم إلتقاطها مشابهة بقدر كبير جداً مع تصورات أينشتاين.
و لذلك ربما من أهم أسباب شهرة أينشتاين أن إستنتاجاته و معادلاته أثبتت لنا مع مرور الوقت أنها جديرة بالثقة.
و بلفعل بني علي هذه النظريات علم الفيزياء الحديثة، وظهرت الكثير من التطبيقات التي أفادت البشرية منها ال GPS، و التي أصبحت جزء رئيسياً من حياتنا اليومية، و التي تعتبر تكنلوجيا تعتمد علي معادلات النظرية النسبية بشكل مباشر.
و فوق كل ذلك فقد كان أينشتاين ملائماً للشهرة، بداية من هيئته إلي ملابسه و شعره الغريب مروراً بإقتباسته وطريقته في الكلام و حتي خفة ظله وإبتساماته الغريبة
كلها عوامل جعلت من أينشتاين العالم العبقري المحبوب والأكثر شهرة علي مر التاريخ، و جعلت أسمه دائماً مقترن بالعبقرية والإبداع.