تأثير الحروب على الأطفال
كعامل اجتماعي قضيت سنوات عدة في العمل متنقلا من مخيم لآخر اقدم الخدمة الاجتماعية والنفسية لمن اجتاحت الحرب الدامية حياتهم من، وشاءت لي سنوات العمل هذه ان أدخل الى تفاصيل حياة بعض الناس ممن طلبوا المساعدة ولا سيما الاطفال منهم كما قدرت لي سنوات العمل هذه ان الأفكار والمشاعر الشتا ترميني ذات اليمين وذات الشمال لما تفعله الحرب الآن وما ستفعله أجيال من الاطفال حتى تكبر في المستقبل، ما يحدو بي إلى أن أتحدث عن المتغيرات البيئية في حياة الاطفال الضحايا الأبرز لآلة الحرب إذ ان هذه المتغيرات هي العامل الأبرز في إحداث العواقب المؤثرة في حياة الطفل، وما الحرب التي نعيش إلا جزء من آثار أزمات الطفولة تتخللها أنماط التربية الوالدية والثقافة الاجتماعية السائدة،
تلحق الصدمة النفسية على الطفل تبعات تتعلق بسلوك الطفل وتفكيره وعالمه الداخلي ، تنشأ نتيجة لتعرض الطفل لتجربة او صدمة نفسية تفوق قدرته النفسية والعقلية على الاحتمال، يعبر عنها الطفل باشكال شتى من التعبير قال لي احمد بعد سنوات من تعرضه للصدمة وتعافيه انه اصابته حبسة كلامية استمرت سنة كاملة جراء انفجار ضخم نتج من قصف طائرة ولحسن الحظ فقد كانت الام على قدر من الوعي حتى تتعامل مع طفلها احمد ل تعطيه الاهتمام الكافي دمجه مع الاطفال في المخيم ليلعب وتعمل على تعليمه في خيمتها يتعافى من آثار الصدمة التي تلقاها،
غالبا و باعتقادي ان الازمات التي تخلفها الايدي البشرية على سلوك ونفسية الاطفال أقسى و أمر تجربة من تلك التي تخلفها الطبيعة إلا أن تأثيرات تلك الصدمات النفسية تختلف من طفل لآخر حسب شدتها و عمر الطفل و شخصيته و الجو الأسري وإذ تتنوع الأعراض القلق و الاكتئاب و الانطواء و الانفعال و الشعور بالخوف و الفزع و الفوبيا من ظواهر او مشاهدات معينة وكنت أذكر طفلة لم أرها ولكن امها اخبرتني انها تخاف من ملمس الحديد إذا اختبرت طفلتها مشاهد من قصف اثناء رحلة النزوح،
يخيل الي واني بعد سنوات من العمل وتعدد مرويات ومشاهدة التجارب القاسية التي اخترتها اني احتاج الى وقت الى التعافي مثلي مثل بقية الاطفال، وقد تداولها بعض النجاحات الصغيرة هنا وهناك وامتلاك اليات التكيف و التعافي ما لا يمتلكه الكثير من الاطفال،
يتطلب علاج هذه الصدمات مجموعة من الجهود و الاهتمامات و استراتيجيات متكاملة على مستوى مجتمعي او وطني بشكل أوسع، تشتمل على انظمة حماية انسانية متكاملة من تعليم ومراكز دمج وترفيه ومساحات لعب آمنة للجميع حتى الأكبر سنا يتخيل لي ربما لو امتلكنا هذه الارادة منذ زمن لما تلقى الاطفال وأهلهم هذه المعاناة ولا اختبروا ويلات الحرب
يجري هذا للحديث إن ثمن الحرب اكبر بكثير مما تتخيل لا تتمثل في انهيار البنى التحتية الاقتصادية وتكاليف الحرب الباهظة ولكن الثمن هو في تغيير انماط الحياة وتغيير بنية المجتمعات اندثار منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية وهشاشة المجتمعات لاستقبال نظم حياة مبتذلة لا تمت الى الموروث الاجتماعي والثقافي بصلة أملته تجربة الواقع المرير والحاجة الى البقاء والتكييف و التقدير، ربما أن الثمن الاكثر فداحة هو عدم امكانية التغيير في ظل إن اجيال لاحقة قد تكبر في ظل ازمات وعقد نفسية لا حقتهم منذ الطفولة هؤلاء هم من يستولون بشكل أو باخر ادارة دفة سفينة المستقبل لمجتمع آخر من الأطفال، حينها ليس هناك خيبة أكبر من أن تقتل المستقبل أو الأمل بمستقبل أفضل، فعسى أن اكون مخطئا ل يزهر الامل من جديد إن علاج هذه الصدمات للأطفال الناجين من الحروب يتطلب مجموعة من الجهود و الاهتمامات و استراتيجية علاج للوصول إلى التعافي و التكييف
كالتدخل 
الفوري من قبل الأطباء و الخبراء النفسيين حتى يتم إعادة التأهيل للطفل من الناحية النفسية و الاجتماعية و يكون ذلك من خلال فهم المشاعر لديهم و العمل على بناء علاقات إيجابية معهم و احتوائهم و سماعهم
و تقديم المعلومات المناسبة مع اعمارهم و إدراكهم حول الأحداث و الصدمات التي عاشوها دون تغييب الواقع
نحظى بجيل واعد والعلاج النفسي كم العلاج السلوكي و التحليلي باللعب فتلك الجلسات تساعد الاطفال كثباً في التعبير و التعامل مع الصدمات نقلل من تلك التبعات
