السعادة: رحلة فلسفية بين الوهم والحقيقة

السعادة: رحلة فلسفية بين الوهم والحقيقة

0 المراجعات

ما هي السعادة الحقيقية؟

هي لا شيء سوى وهم! سرابٍ صحراويٍّ يبتعد كلما اقتربت منه. كسمكة لامعة وجذابة تراها تسبح أمامك، تحلم بأن تمسك بها، لكنها تنزلق من بين أصابعك كلما حاولت الإمساك بها. تلاحقها ظنًا منك أن المحاولة التالية ستكون مختلفة، لكنها تفلت منك مرة أخرى. وتستمر هكذا حتى تقع في الحفرة، لأن السعي وراء السعادة هو طريق غادر،لعبة قاسية يلعبها القدر عليكم. لا يمكن الفوز بها حقًا. النصابون يستغلون هذا الشعور كطُعم لاستدراجكم في مصائدهم، يرسمون في أذهانكم صورًا لمستقبل سعيد مليء بالوعود الكاذبة والأحلام الخيالية، ليدفعوكم نحو مؤسساتهم وقطعانهم وأفكارهم، مُغرينكم بجزرة وهمية يلوحون بها أمامكم..

فكر معي قليلاً، يا صديقي. أين ستجد السعادة الحقيقية؟

 هل في المال؟ انظر حولك، ستجد أغنياء يعانون من الفراغ والوحدة، بينما فقراء يرقصون على أنغام البهجة. هل في السلطة؟ ترى هل ملوك الأرض ومن فيهم ينامون نومًا هادئًا؟ هل تجد السعادة في الحب؟ ألم تشاهدوا قلوبًا تحطمت في خيانات الأحبة؟ 

**الحقيقة هي أن السعادة الأبدية غير موجودة. السعادة شعور لحظي مرغوب فيه، لكنه يزول بزوال سببه. مثل شعور الغني بنشوة بعد حصوله على المال، أو شعور العاشق بالهيام بعد لقاء معشوقه.. هذه اللحظات، كلما ندرت، برزت قيمتها. فلا معنى للمرتفعات دون انحفاضات. التباين هو ما يجعل الشيء جديرًا بالاهتمام. أنا أقدر النور لأنني عشت الظلام.

السعادة اختيار؟ 

 كم من يرددون هذه الكلمة ! لو كانت اختيارًا يا صديقي، لاخترناها جميعًا. لكن السعادة ليست اختيارًا، بل هي مشروطة، نعم مشروطة، لكنها ليست محصورة..أعرف ما تفكر به عندما سمعت "مشروطة". ذهبتَ بعقلك إلى السيارات والشلاهات 😊، لكنني قلت "غير محصورة". ربما تأتي هذه اللحظة العابرة في شيء بسيط، مثل كوب قهوة وأنت تستمع للموسيقى، أو ضحكة طفل بريئة. اونزه تامل فى الطبيعة.

السعادة هرموناتٌ داخلية،

 لكنها تحتاج إلى أزرار لتفعيلها. هذه الأزرار هي ما نسميه المسببات. قد تتوفر المسببات، لكنك لا تشعر بالسعادة. تضغط على الأزرار لكنها لا تستجيب، مثل هذا الحال يحدث في الحالات النفسية المضطربة، حيث قد يكون هناك نقص في الكيمياء الداخلية. وحتى تلك المسببات تخلقها تفاعلات عشوائية، مثل رمي النرد. ظروف السعادة تتمثل في رقم 6، قد يأتيك هذا الرقم مرة واحدة، أو عشر مرات، وقد لا يأتيك أصلًا. أنت وحظك يا صديقي!

نصائح لاستغلال السعادة

**" نصيحة  الأولى: انتهز اللحظة السعيدة حين تُطل عليك. لا تُقيد ما يُسعدك بقيود المعايير والمقاييس. افعل ما يُسعدك، حتى لو كان ذلك يعني الجري حافي القدمين. إذا جاءتكم الضحكة، فضحكوا بعفوية، لا تبالوا بملاءمتها للموقف أو بصحتها، فقد لا تأتيكم مرة أخرى حين تشتهونها. لكن تذكروا، هذا التحرر يتطلب منكم وعيًا عميقًا، حتى لا تتأثروا بنظرات الآخرين، فالناس لا يهتمون إلا بسعادتهم الخاصة.

**" نصيحة الثانية لا تؤجلوا السعادة، إذا كان بإمكانكم الفرح الآن، فافعلوا. لا تخبئوا الحذاء الجديد للعيد، وأنتم اليوم مدعوون لخروجة تشعرون فيها بالسعادة. فقد يأتي العيد ولا تجدون فيه ما يسعدكم. لا تُؤجل الوجبة اللذيذة اليوم في انتظار أن تأكلها مع خطيبتك، فربما تجدونها غدًا تتناول الوجبة مع شخص آخر غيرك.

*ختام*

في النهاية، لا تتوقعوا شيئًا مضمونًا في هذا العالم، فلا شيء فيه ثابت. عيشوا حياتكم بكل ما فيها من منعطفات وتحديات، من لحظات سعيدة وحزينة، مبهجة ومحبطة. هكذا هي الحياة، بعيدًا عن أوهام السعادة الدائمة. وتذكروا، السعادة كالفراشة، كلما حاولتم الإمساك بها، طارت بعيدًا. فلا تطاردوها، بل عيشوا حياتكم، واتركوا السعادة تأتي إليكم متى شاءت.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة