كيف تكتب الشعر دون تعلم العروض ج 2

الجزء الثاني:

لكي نكتب الشعر خير ما نبدأ به هو تعلم موسيقى الشعر والايقاع ومن ثم تكتب على  اللحن النابع من الأبيات الشعرية مستنداً إلى البحور الشعرية قبل تعلم ودراسة وحفظ البحور الشعرية وتفعيلاتها وكيفية تقطيع البيت الشعري، انصحك بحفظ موسيقى الشعر.

ربما لو كان مقالي هذا مصوراً كان أفضل، وسوف أعمل على تسجيل فيديو بهذا الشأن لسهولة التعلم وفهم ما أقول، ولكن دعونا نشرح ما قلته، كلنا سمعنا وحفظنا نشيد العروبة المشهور "بلاد العرب أوطاني" ولحسن الحظ أن القصيدة مغناة فهذه القصيدة كتبها "الأستاذ فخري البارودي" ولحنها الاخوان فليفل 

بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدان

ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ  إلى مِصـرَ فتطوانِ

وأنا ككل الشباب العربي حفظ الأغنية ورددها دون معرفة البحر الذي نظمت به ولا وزنها ولا تفعيلاتها، وقد أحببت اللحن ونظمت شعراً على الموسيقا ذاتها، وكنت لم أدرس بعد  علم العروض ولا أعرف ما هي البحور الشعرية ولم أسمع بالفراهيدي من قبل ولكن كانت لي بعض المحاولات في الكتابة وخاصة كتابة الخواطر والتي في الحقيقة  أضعت معظمها ولم أحفظ منها إلا القليل فكتبت القصيدة التالية: 

إذا ما العشق ناداني         وكانت صم آذاني

تناسيت الخطوب وكم       بنار الشوق آذاني

ورحت أصوغ أبياتاً        وأعزف منها ألحاني 

وأنثر فيها أشواقاً           ومنها جل أشجاني

فأذكر فيها عبرة ذرفت    على شطآن وجداني

وآهات لها صوت          فحن القاصي والداني

أنا ما عدت أعرفني       فطول الهم أعماني

الهي منك مأساتي         ومنك خلاص أحزاني 

وقد نظمتها على اللحن الموسيقي لأغنية "بلاد العرب أوطاني" ويمكنك ان تغني القصيدة السابقة على لحن بلاد العرب اوطاني ستجدها متطابقة.

وبعد حين وبعد دراسة بحور الشعر اكتشفت بأن هذه القصيدة قد نظمت على بحر الهزج وهو نوع من بحور الشعر قد اعتادت العرب النظم عليه في أهازيجهم ومناسباتهم في الحروب والغزو وحتى الأفراح.

وحتى قبل وضع الفراهيدي لهذا النوع من القصائد اسم بحر الهزج

ومفتاح هذا البحر:

على الأهزاج تسهيل        مفاعيلن مفاعيلو

فلو ردت هذا البيت بالاعتماد على موسيقى ولحن أغنية "بلاد العرب أوطاني" لوجدته متطابق"

فلو بدأت كتابة الشعر بالاعتماد على القصائد المغناة معتمداً على لحنها لوجدت نفسك قادراً على كتابة الشعر بكل سلاسة واتقان واليك مثال آخر:

كلنا سمع وأحب أغنية كاظم الساهر (صباحك سكر) التي كتبها الشاعر السوري "نزار قباني" ولحنها وغناها كاظم الساهر:

     إذا مر يوم ولم أتذكر        به أن أقول صباحك سكر

وأنا من أشد المعجبين بكاظم الساهر وهذه الأغنية بالذات لدوره الفعال بالحقيقة في نشر القصائد العربية ورفع سوية الغناء العربي، فحفظ الأغاني بالتأكيد أسهل من حفظ القصائد الجامدة دون لحن وهو يسهل كثيراً على أصحاب المواهب الشعرية النظم على هذه الألحان.

ولي تجربة مع هذه الأغنية فمن شدة اعجابي بالكلام واللحن حاولت أن أكتب شعراً معتمداً على اللحن نفسه:

فكتب قصيدة بعنوان "طرب" وهي قريتي في الجنوب السوري فقلت فيها:

فؤادي بطربا غدا طربا       وقد عشت فيها هوى طيباً

مع الغناء باللحن نفسه لأغنية  كاظم الساهر:

إذا ما وصلنا إليها تجيب        بحيّاكم الله حيّا النبا

فاعدو بها مثل طفل صغير     وتغدو شوارعها الملعبا

أيا ضيعتي أنت أمُّ حنون         سكنت بنا العين والهدبا

تهون فداك قلوب وروح         ويرنو اليك ربيع الصبا

قبل أن أكتب بيتاً واحداً انتابني الفضول لمعرفة بحر الشعر الذي نظمت عليه القصيدة وطبعاً في البداية كان عمل شاق.

فقررت أن أقرأ في جمع بحور الشعر لأعرف ما هو البحر المطلوب.

ومن خلال دراسة بحور الشعر طبعاً ليست دراسة معمقة فقط بحث عن البحر و مستعيناً بموسيقا الشعر لكل بحر (ويمكن معرفة موسيقى الشعر بالبحث عن بحور الشعر المغناة في مواقع البحث المختلفة)

علمت أن البحر الذي نظمت عليه قصيدة (صباحك سكر) للشاعر نزار قباني. هو (البحر المتقارب) ومفتاحه:

على المتقارب قال الخليل       فعولن فعولن فعولن فعول

فقمت بتلحين هذا البيت بالاعتماد على لحن أغنية صباحك سكر وكان متطابق.

وكنت كلما كتب بيتاً بالاعتماد على اللحن نفسه، أعود إلى هذا البحر واقطع البت تقطيعاً عروضياً فأجده متطابق وهكذا حتى أنهيت القصيدة طبعاً بالاعتماد على اللحن أولاً ومن ثم الوزن والعروض.

بالخلاصة: يمكنك عزيزي القارئ اذا كان لديك موهبة شعرية وتريد أن تكتب الشعر الموزون على أبحر الفراهيدي، أن تستعين بأغاني القصائد وهي كثيرة وبعد ذلك انصحك بدراسة بحور الشعر والعروض.

وبالتوفيق للجميع

أرجو أن تجربوا هذه الطريقة وتكتبوا في التعليقات عن تجربتكم 

يرجى اخبارنا اذا نجحت معك الطريقة وسوف نتساعد

السلام عليكم ورحمة الله

ربنا لا تحاسبنا ان نسينا او اخطأنا

والله من وراء القصد