تغير المناخ يشكل تحديًا كبيرًا للأمن الغذائي.

تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي
المقدمة
تغير المناخ هو واحد من أهم التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، فهو يؤثر على البيئة والصحة والاقتصاد والأمن والتنمية. ومن بين آثار تغير المناخ، يبرز تأثيره على الأمن الغذائي، وهو حالة تتوفر فيها الأغذية بكميات ونوعيات كافية لتلبية احتياجات الناس وتفضيلاتهم، ويمكنهم الوصول إليها واستخدامها بطريقة تحافظ على صحتهم ونشاطهم. ويعتمد الأمن الغذائي على أربعة عناصر رئيسية هي: توافر الغذاء، وإمكانية الوصول إليه، واستخدام الغذاء، واستقرار الإمدادات الغذائية. وفي هذا المقال، سنتناول كيفية تأثير تغير المناخ على هذه العناصر، وما هي الحلول الممكنة للتخفيف من آثاره.

أولاً: تأثير تغير المناخ على توافر الغذاء
تغير المناخ يؤثر على توافر الغذاء بشكل مباشر من خلال التأثير على الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي، وبشكل غير مباشر من خلال التأثير على البنية التحتية والنقل والتجارة والتخزين. ومن الآثار المحتملة لتغير المناخ على توافر الغذاء ما يلي:

- انخفاض إنتاجية المحاصيل الأساسية مثل القمح والذرة والأرز بسبب ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه والأمراض والآفات والظواهر الجوية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات والحرائق. ووفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فإن العائد غير المتوقع لمحاصيل الحبوب في المناطق شبه القاحلة من العالم (مثل منطقة الساحل في أفريقيا) هو على الأقل 80٪ نتيجة لتقلب المناخ.
- تقليل إنتاج الحيوانات والألبان والبيض بسبب تأثير الحرارة والجفاف والأمراض على صحة ورفاهية الحيوانات وقدرتها على التكاثر والنمو والإنتاج. ووفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فإن تغير المناخ قد يؤدي إلى انخفاض إنتاج اللحوم والألبان بنسبة 7.5٪ و 6.3٪ على التوالي في الدول النامية بحلول عام 2050.
- تقليل إنتاج الأسماك والمأكولات البحرية بسبب تأثير تغير المناخ على النظم البحرية والمائية والتنوع البيولوجي والموارد السمكية. ووفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فإن تغير المناخ قد يؤدي إلى انخفاض إنتاج الأسماك البرية بنسبة 10٪ عالمياً بحلول عام 2050، مع اختلافات كبيرة بين المناطق.
- تضرر البنية التحتية والنقل والتجارة والتخزين بسبب تأثير الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف والفيضانات والانهيارات الأرضية وارتفاع مستوى سطح البحر على الطرق والجسور والموانئ والمطارات والمخازن والأسواق. وهذا يؤدي إلى زيادة تكاليف النقل والتجارة والتخزين والفساد والضياع والهدر، وبالتالي إلى تقليل توافر الغذاء وزيادة أسعاره.

ثانياً: تأثير تغير المناخ على إمكانية الوصول إلى الغذاء
تغير المناخ يؤثر على إمكانية الوصول إلى الغذاء بشكل مباشر من خلال التأثير على الدخل والقدرة الشرائية للناس، وبشكل غير مباشر من خلال التأثير على الأسعار والتوزيع والتجارة والمساعدات الغذائية. ومن الآثار المحتملة لتغير المناخ على إمكانية الوصول إلى الغذاء ما يلي:

• انخفاض الدخل والقدرة الشرائية للناس بسبب تأثير تغير المناخ على الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي والغابات والموارد الطبيعية، والتي تشكل مصدراً رئيسياً للعيش لملايين الناس في العالم، خاصة في البلدان النامية. 
• ولمواجهة هذا التحدي، يجب على الدول والمجتمعات الدولية اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ. ويتضمن ذلك دعم الفقراء في تحسين سبل عيشهم وزيادة قدرتهم على التحمل والمرونة، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي والصحي، وتوفير الحماية الاجتماعية والمساعدة الإنسانية، وتعزيز حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
• ويمكن أن تساهم الحلول المبتكرة والمستدامة في التخفيف من تأثير تغير المناخ على الفقر، مثل استخدام الطاقة المتجددة والزراعة المنخفضة الكربون والتنوع البيولوجي والتكنولوجيا الخضراء والاقتصاد الدائري. ويتطلب ذلك التعاون والتضامن بين جميع الشركاء والفاعلين على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية.