تحديات صنع محتوى يركز على فلسطين وغزة عبر الإنترنت - الجزء الأول

تحديات صنع محتوى يركز على فلسطين وغزة عبر الإنترنت - الجزء الأول

0 المراجعات

تحديات صنع محتوى يركز على فلسطين وغزة عبر الإنترنت

عزّز العصر الرقمي بشكل كبير قدرة المدونين، ومنشئي المحتوى، والمصممين على مشاركة رواياتهم ووجهات نظرهم وأعمالهم الفنية مع جمهور عالمي. ويبدو وعد عصر الإنترنت بحرية التعبير والوصول غير المقيد إلى المعلومات، للوهلة الأولى، منصةً مثاليةً لرفع الوعي حول القضايا والمناطق الحرجة. ومع ذلك، يواجه أولئك الذين يركزون على محتوى متعلق بفلسطين أو غزة غالبًا متاهةً من التحديات والعراقيل التي تعقّد عملهم، بل وحتى تهدد أحيانًا قدرتهم على النشر عبر الإنترنت.

تظهر هذه الصعوبات بشكل رئيسي من خلال قيود المحتوى التي تفرضها منصات التواصل الاجتماعي المختلفة حيث غالبًا ما يتم وضع علامة على المحتوى الفلسطيني أو الغزاوي على أنه "ضار" أو "يروج للإرهاب"، على الرغم من أنه غالبًا لا يتجاوز ببساطة توثيق الواقع المعيشي للشعب الفلسطيني. يمكن أن يؤدي هذا إلى إزالة المحتوى، وحظر الحسابات، وتقييد الوصول إلى الجمهور. علاوة على ذلك، يواجه صانعو المحتوى الفلسطينيون أيضًا خطر التضليل المعلوماتي والمراقبة الرقمية

أو يتم استهدافهم من قبل الجهات الفاعلة المؤيدة لإسرائيل التي تسعى إلى إسكات أصواتهم ونشر روايات مضلة.

وعموما فإن التعامل مع هذه الهجمات أمرًا مرهقًا ويستغرق وقتًا طويلاً، ويصرف الانتباه عن العمل الإبداعي المهم ومع ذلك، فإن صانعي المحتوى الفلسطينيين يتمتعون بالمرونة والقوة. حيث طوروا استراتيجيات مبتكرة للتغلب على هذه التحديات ومواصلة توصيل قصصهم للعالم. فهم يستخدمون لغة مشفرة، ويستفيدون من منصات بديلة، ويبنون شبكات دعم قوية لمواجهة الرقابة والهجمات. 

إن قصة صانعي المحتوى الفلسطينيين هي قصة مثابرة وإبداع في مواجهة الظروف الصعبة لأن عملهم مهم ليس فقط لرفع الوعي حول القضية الفلسطينية، ولكن أيضًا لتحدي السرديات المهيمنة وتعزيز أصوات فلسطينية متنوعة على الإنترنت

المستنقع الاجتماعي السياسي

ترتبط المحتويات المتعلقة بفلسطين وغزة بطبيعتها بسياق جيوسياسي شديد الجدل حيث استمر الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني لعقود ولا يزال أحد أكثر القضايا إثارة للاستقطاب على مستوى العالم لذلك يجد المدونون ومنشئو المحتوى الذين يناقشون هذه المنطقة أنفسهم في قلب نقاش سياسي قوي مع آراء قوية من جميع الأطراف. 

يمكن أن يؤدي ذلك إلى عدة صعوبات: 

الرقابة وإدارة المحتوى

يلفت العديد من صانعي المحتوى انتباه منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث التي قد يكون لديها سياسات أو خوارزميات محددة تحد من ظهور المحتوى ذي الطبيعة السياسية الحساسة ووصوله إليه.  كما قد تتعرض هذه المنصات لضغوط من الحكومات أو جماعات المناصرة لقمع وجهات نظر معينة.

المضايقة عبر الإنترنت

يمكن أن يصبح أولئك الذين يكتبون أو ينشئون محتوى حول فلسطين أو غزة أهدافًا للمضايقة وخطاب الكراهية كما يمكن أن يتسبب التنمّر الإلكتروني في ضرر عاطفي ويؤدي إلى الرقابة الذاتية أو الانسحاب من المساحات عبر الإنترنت تمامًا.

تحديات تحقيق الدخل

إن تحقيق الدخل من المحتوى حول هذه المواضيع أمر شاق بشكل خاص حيث قد يبتعد المعلنون عن ربط علاماتهم التجارية بمحتوى مشحون. يمكن أن يحرم ذلك صانعي المحتوى من مصدر حيوي للدخل، ويعيق قدرتهم على مواصلة عملهم.

ان هذه التحديات مجتمعة تخلق مستنقعًا اجتماعيًا وسياسيًا يجعل من الصعب على صانعي المحتوى الفلسطينيين إيصال قصصهم إلى العالم ومع ذلك، فإن عملهم مهم للغاية ليس فقط لرفع الوعي حول القضية الفلسطينية، ولكن أيضًا لتحدي الروايات المهيمنة وتعزيز أصوات فلسطينية متنوعة على الإنترنت. 

عقبات تقنية ولوجستية

بجانب الأجواء السياسية المشحونة المحيطة بالموضوع، تظهر صعوبات أخرى أكثر تقنية مثل: 

الوصول إلى المعلومات والاتصال

بالنسبة لأولئك داخل فلسطين أو غزة، يمكن أن يعوق عدم استقرار اتصال الإنترنت والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي والوصول المحدود إلى أحدث البرامج أو الأجهزة إنشاء المحتوى بشكل كبير

وبالمثل، قد يكون الحصول على معلومات مباشرة أمرًا صعبًا بسبب قيود الحركة والوصول المحدود للصحفيين

حواجز اللغة والترجمة

قد يتطلب نقل الفروق الدقيقة للموقف في فلسطين وغزة ترجمات حساسة للإيحاءات الثقافية والسياسية للصراع لذا وجب على صانعي المحتوى موازنة الحاجة إلى الوصول إلى جمهور واسع مع دقة رسالتهم.

مخاوف أمنية

قد يقلق أيضًا المدونون الذين يكتبون عن القضايا في هذه المناطق بشأن خصوصيتهم وأمن منصاتهم عبر الإنترنت ضد محاولات الاختراق أو المراقبة الرقمية، والتي يمكن أن تكون مصدر قلق كبير في المناطق التي تشهد منافسة على الحوكمة الرقمية.


اجتياز المشهد من خلال التضامن

رغم هذه الصعوبات، يجد العديد من المبدعين طرقًا للتصفح عبر النظام. لعبت شبكات التضامن دورًا فعالًا في هذا الأمر

العمل الجماعي

غالبًا يتحد المدونون معًا لتضخيم أصوات بعضهم البعض ومشاركة الموارد وتقديم الدعم المتبادل ويمكن أن يساعد ذلك في تخفيف قيود الوصول المفروضة بواسطة الخوارزميات والرقابة. 

تنويع المنصات

يمكن أن يساعد استخدام مجموعة من منصات التواصل الاجتماعي ومواقع التدوين وحتى الطرق غير المتصلة بالإنترنت في توزيع المحتوى أن يساعد المبدعين في تجنب وضع كل بيضهم في سلة واحدة ويقلل الاعتماد على أي منصة واحدة قد تفرض عليهم الرقابة.

 

.

التعليم والدعوة

يركز بعض صانعي المحتوى على تثقيف جمهورهم حول تعقيدات إنشاء المحتوى حول هذه المواضيع وينادون بحماية أفضل وحرية التعبير عبر الإنترنت. يعد التضامن قوة دافعة مهمة في تمكين صانعي المحتوى الفلسطينيين على مواجهة التحديات التي يواجهونها ونشر قصصهم للعالم من خلال العمل معًا وتنويع استراتيجياتهم، يمكنهم الاستمرار في رفع أصواتهم والحفاظ على حوار مهم حول القضية الفلسطينية.


نداء من أجل فضاء رقمي عادل

تسلط الصعوبات التي يواجها من يسلطون الضوء على القضايا في فلسطين وغزة الضوء على الحاجة إلى مناقشات مستمرة حول الرقابة على الإنترنت وحرية التعبير والحق في الوصول الرقمي. لذلك فمن المهم دعم المجال الرقمي الذي لا يسمح فقط بنشر روايات متنوعة، ولكن أيضًا يحميها، خاصة حول موضوعات ذات أهمية عالمية كبيرة وتأثير بشري.

ان رحلة إنشاء محتوى حول فلسطين وغزة قد تكون محفوفة بالمخاطر، لكن تصميم صانعيها على التغلب على هذه العقبات يعد بمثابة شهادة على صمود الروح البشرية والسعي الدؤوب للظهور والعدالة ومن اجل ذلك يواصل صانعو المحتوى ابتكار استراتيجيات إبداعية لتجاوز الحواجز وإبراز قصص فلسطين وغزة في المقدمة.

بعض الطرق التي يستخدمها صانعو المحتوى للتغلب على التحديات ونشر رسالتهم

1 - استخدام المنصات البديلة

مع تزايد الرقابة على المنصات الرئيسية، يتجه العديد من صانعي المحتوى إلى منصات أصغر وأكثر استقلالية لنشر أعمالهم

على سبيل المثال، اكتسب موقع

 Mastodon

 شعبية بين الفلسطينيين كبديل لتويتر

2 - التعاون الدولي

: يتعاون صانعو المحتوى الفلسطينيون بشكل متزايد مع نظرائهم الدوليين لرفع مستوى الوعي وتجنب الرقابة

على سبيل المثال، أنشأ مشروع "عيون على فلسطين" شبكة من الصحفيين والمصورين من جميع أنحاء العالم لتوثيق الوضع في فلسطين

3 - استخدام وسائل الإعلام التقليدية

لا يزال التلفزيون والراديو والإذاعة من الطرق الفعالة للوصول إلى جمهور واسع، خاصة في المناطق التي يعاني فيها الإنترنت من قيود الاستخدام. 


4 - استثمار في إجراءات أمنية إلكترونية قوية

بسبب إدراكهم للمخاطر المتزايدة للهجمات الإلكترونية، يتعين على المدونين والمصممين اتخاذ احتياطات إضافية لحماية وجودهم عبر الإنترنت

يمكنهم استخدام أدوات اتصال مشفرة وتحديث بروتوكولات الأمان بانتظام واستخدام هويات مجهولة أو مستعارة عند الضرورة لحماية أنفسهم ومصادرهم.

5 - الاستفادة من المنصات والجمهور الدولي

من خلال التواصل مع المنصات والجمهور الدوليين، يمكن للمبدعين توسيع قاعدة دعمهم وتقليل تأثير القيود المحلية

يمكن أن يوفر التعاون مع وسائل الإعلام الأجنبية والمنظمات غير الحكومية وجماعات المناصرة مصداقية وحماية إضافية لهؤلاء المبدعين ويساعد أيضًا في تعميم الرواية حول فلسطين وغزة.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

8

متابعين

11

متابعهم

7

مقالات مشابة