مهمه المرشد المعلم برأي الامام الغزالي
اعلم أن للأنسان في علمه أربعة أحوال،كحاله في اقتناء الأموال: إذ لصاحب المال حال استفادة فيكون مكتسباً ، وحال ادخار لما اكتسبه فيكون به غنياً عن السؤال ، وحال إنفاق علي نفسه فيكون منتفعاً ، وحال لغيرة فيكون به سخياً متفضلاً، وهو اشْرف أحواله، فكذلك العلم يقتنى المال، فله حال طلب و اكتساب ، وحال تحصيل يغني عن السؤال ، وحال استبصار وهو التفكر في المحصل والتمتع به، وحال تبصير وهو أشرف الاحوال ، فمن علم وعمل فهو الذي يدعي عظيماً في ملكوت السموات ، فإنه كالشمس يضيئ وهي مضيئة من نفسها ، وكالمسك يطيب الاخرين وهو طيب ، والذي يعلم ولا يعمل كالدفتر حيث يفيد الاخرين وهو خال من العلم ، وكالمسن الذي يشحذ غيره ولا يقطع ، والابره التي تكسوا غيرها وهي عاريه ، وذباله المصباح تضئ لغيرها وهي تحترق
ما هو الا ذبابه وقدت
تضئ للناس وهي تخترق
الوظيفه الاولي
الشفقه علي المتعلمين، وأن يجريهم مجري بنيه ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم
((إنما أنا لكم مثل الوالد لولده)) يقصد إنقاذهم من نار جهنم ، وهو اهم من انقاذ الوالدين لولدهم من نار الدنيا، ولذلك صار حق المعلم اعظم من حق الوالدين.
الوظيفه الثانيه:
أن يقتدي بصاحب الشرع صلوات الله عليه وسلم ، فلا يطلب علي إفاده العلم أجراً ،ولا يقصد به جزاء او تفضل ، باليعمل لوجه الله ، طلباً للتقرب اليه،
الوظيفه الثالثة
الا يدع من نصح المتعلم شيئاً ، وذلك بأن يمنعه من التصدي لرتبه قبل استحقاقها، والتشاغل بعلم خفي قبل الفراغ من اجلي ، حتي ينتبه ان الغرض من طلب وتعليم العلم هو التقرب للَّه تعالي دون الرياسة
الوظيفه الرابعه:
وهي من دقائق صناعه التعليم_أن يزجر المتعلم عن سوء الاخلاق بطريق التعريض ما أمكن ، ولا يصرح ، وبطريق الزحمه لا بطريق التوبيخ ، تصريح يهتك حجاب الهيبه ، ويورث الجرأة علي الهجوم بالخلافي، ويهيج الحرص علي الاصرار
الوظيفه الخامسة
أن المتكفل ببعض العلوم ينبغي الا يقبح في نفس المتعلم العلوم التي وراءه فلا يقبح معلم اللغه علم الفقه ، ولا يقبح معلم الفقه علم الأحاديث والتفسير ،وان ذلك نقل محض وسماع، وهو شأن العجائز ، ولا نظر للعقل فيه
الوظيفه السادسه
أن يقتصر بالمتعلم علي قدر فهمه ،فلا يلقي اليه مالا يبلغه عقله فينفره ، او يخبط علبيه عقله
الوظيفه السابعه
أن المتعلم القاصر ينبغي أن يلقي اليه الجلي الائق به ، ولا يذكر له أن وراء هذا تدقيقاً وهو يدخره عنه ، فإن ذلك يفتر رغبته في الجلي ، ويشوش عليه قلبه، ويوهم اليه البخل عنه ، اذ يظن كل أحد انه اهل لكل علم دقيق ، فما احد الا وهو راض عن الله -سبحانه وتعالي- في كامل عقله ، واشدهم حماقه واضعفهم عقلاً هو افرحهم بكمال عقله، وبهذا يعلم أن من تقيد من للعوان بقيد الشرع ، ورسخ في نفسه العقائد المأثورة عن السلف من غير تشبيه. بدون تأويل
الوظيفه الثامنه
ان يكون المعلم عاملاً بعمله، فلا يكذب قوله فعله؛ لان العلم يدرك البصائر ، والعمل يدرك بالابصار ، وأرباب الابصار اكثر ،فإن خالف العمل العلم منع الرشد ، و كل من تناول شيئاً وقال للناس : لا تتناولوه فإنه سم مهلك ،سخر الناس به واتهموه ،وزاد حرصهم علي ما نهوا عنه ، فيقولون : لولا انه اطيب الاشياء وألذها لما كان يستأثر به ، ومثل المعلم المرشد مثل النقش من الطين ، والظل من العود ،فكيف ينقش الطين بما لا نقش فيه ومتي استوى الظل والعود أعوج