المخدرات الرقمية... خطر خفي لم يتم الاعتراف به عربيا

المخدرات الرقمية... خطر خفي لم يتم الاعتراف به عربيا

0 المراجعات

بدون وجود كيان مادي ملموس، تنتج المخدرات الرقمية تأثيرًا يشبه المخدرات الفعلية، دون الحاجة إلى تعاطي أو استنشاق مواد أو حقنها في الجسم. ترتبط هذه المفاهيم بالحياة الحديثة والعالم الافتراضي الذي يسيطر على حياة الأشخاص ويربطهم بشبكة عنكبوتية تُستخدم فيها التسويق للمخدرات الرقمية في أي مكان في العالم.

للتعاطي مع المخدرات الرقمية، ليس هناك حاجة للمواد المخدرة التقليدية مثل الهيروين أو الكوكايين أو الكريستال ميث أو أي مخدر آخر. يكفي أن يتوفر للفرد خدمة الإنترنت وسماعات للأذن للاستماع إلى ملفات صوتية تُرافق أحيانًا بتأثيرات بصرية وأشكال وألوان متحركة. تتحرك وتتغير هذه التأثيرات وفق هندسة برمجية مصممة لخداع الدماغ من خلال بث أمواج صوتية متنوعة التردد في كل أذن، مما يؤدي إلى تشكيل إحساس يحاكي إحساسًا معينًا يشبه تأثير أنواع المخدرات التقليدية.

تصنف المخدرات الرقمية على أنها مخدرات سمعية، وفقًا لعبدالله سافر الغامدي، المتخصص في الإرشاد النفسي. يعتبر الغامدي أن هذا النوع من المخدرات هو "خطر يتسلل إلى منازلنا من خلال مواقع الإنترنت، يبحث عن ضحاياه لتدمير صحتهم وسرقة وقتهم وتقويض نشاطهم". وبينما يتم تصنيف المخدرات التقليدية على أنها مخدرات كيميائية يمكن اكتشافها من خلال التحاليل، فإن الدول الكثيرة لا تعترف بوجود المخدرات الرقمية.

وفقًا للغامدي، تتألف المخدرات الرقمية من ملفات صوتية تحتوي على نغمات يستمع إليها الشخص، وتحتوي على موجات تتلاعب بنشاط الدماغ وتجعله في حالة خدر تشبه تعاطي المخدرات الحقيقية. ويعتبر ذلك نوعًا خاصًا من الموسيقى يعتمد على مبدأ الطنين والنقر لإعطاء الفرد بعض البهجة والمتعة.

كيف تعمل المخدرات الرقمية؟

تتكون المخدرات الرقمية من ملفات صوتية يتم الاستماع إليها عبر مواقع إلكترونية محددة، وتُعاطى عن طريق سماع النغمات واستخدام سماعات الأذن في كلتا الأذنين. تتميز الإيقاعات الموسيقية الناتجة عن هذه الملفات بالتنوع بين الأذنين. ومن خلال العصب السمعي، تنتقل الإشارات السمعية المدركة إلى الدماغ لتؤثر على تفاعل الناقلات العصبية الكهربائية بين الدماغ والجهاز العصبي.

وفي هذا السياق، يشير ناصر بن راشد الغداني، أخصائي العلاج النفسي، إلى أن الأمواج الصوتية التي يُعتبرها الفرد مخدرات رقمية متنوعة التردد. على سبيل المثال، إذا تعرضت الأذن اليمنى لموجة بتردد 325 هرتز والأذن اليسرى لموجة بتردد 315 هرتز، يقوم الدماغ تلقائيًا بمزامنة الترددين بين الأذنين للوصول إلى مستوى واحد. وعندما يحاول الدماغ مزامنة الترددين الذي يبثان في الأذنين للحصول على مستوى واحد من الصوت، يحدث اضطراب في وظائف الدماغ.

للحصول على التأثير المرغوب والنشوة من المخدرات الرقمية، يحتاج الشخص إلى إعداد جو خاص للتعاطي، مثل أن يكون في غرفة منفردة ومسترخيًا ويكون عينيه مغطاة. تحاكي المخدرات الرقمية تأثير المخدرات التقليدية التي يتم تعاطيها عن طريق الفم أو الحقن أو الاستنشاق. بواسطة بث ترددات محددة، فيمكن للمخدرات الرقمية أن تحدث ذات الأثر المترتب على تعاطي الكوكايين من نشوة وتأثير نفسي من خلال بث ترددات معينة تحضر إشارات معينة في الدماغ من شأنها أن تحدث تأثير المخدر الحقيقي نفسه لو تم تعاطيه.

نتائج اضطراب الدماغ

تأثير المخدرات الرقمية على الدماغ يمكن أن يتسبب في عدة نتائج وتأثيرات سلبية على المتعاطي. بعض هذه النتائج تشمل:

1. اضطرابات انفعالية: يمكن أن تحدث تقلبات في المزاج وتضارب الانفعال بين العصبية والانبساطية، مما يؤدي إلى حالات اكتئابية وكآبة شديدة وفرح مفرط وتذبذبات عاطفية أخرى.

2. تأثير على الوظائف الانفعالية والعقلية: قد يتأثر الأداء الوظيفي للذاكرة والقدرات الانفعالية والمعرفية. يمكن أن يحدث ضعف في التركيز ونقص في الانتباه وفرط في النشاط والحركة، ونقص في القدرة على الفهم والاستيعاب والإدراك.

3. اضطرابات اجتماعية: قد يؤدي تعاطي المخدرات الرقمية إلى العزلة الاجتماعية، حيث يمكن أن يتأثر النشاط الاجتماعي والقدرة على التفاعل والتواصل مع الآخرين.

4. اضطرابات هرمونية: تعمل المخدرات الرقمية على إفراز هرمونات مختلفة في الدماغ، مثل الدوبامين والأدرنالين والنورادرنالين، وهذا قد يؤدي إلى تشنجات وتضارب في الأعراض الانفعالية.

5. تأثيرات على الصحة العامة: قد تسبب المخدرات الرقمية تأثيرات سلبية على الصحة العامة، بما في ذلك الإرهاق الشديد والتوتر والقلق والتشنجات العصبية.

يجب الإشارة إلى أن هذه النتائج والتأثيرات مرتبطة بتعاطي المخدرات الرقمية بشكل مفرط ومتكرر. من المهم أن يتم التعامل بجدية مع هذه القضية وتقديم ال

دعم والمساعدة للأشخاص الذين يعانون من تعاطي المخدرات الرقمية والتوجه للمساعدة العلاجية والنفسية المناسبة.

الوضع العربي

يعتقد حواط أن بعض الدول العربية ترفض الاعتراف بوجود هذا النوع من المخدرات على الرغم من وجودها عالميًا، وإذا تجاهلناها فسيصبح هذا "المستقبل المخدر" الذي سينتشر بشكل كبير. ويرجع ذلك إلى عدم وجود مدمنين على المخدرات الرقمية في العالم العربي حاليًا، ولكن هناك متعاطين وبعد فترة سيصبحون مدمنين.

يعتقد البعض أن التأثير الذي تحدثه المخدرات الرقمية في تركيبة الدماغ مبالغ فيه، ولا توجد دراسات علمية تؤكد صحة هذه المعلومات. يرى الخبير النفسي والعلاجي فاروق جهلان أن موضوع المخدرات الرقمية مبالغ فيه ولا توجد دراسات تثبت حقيقة ما تفعله هذه الملفات الصوتية التي ترسل موسيقى بترددات مختلفة لكل من الأذنين.

يلاحظ جهلان أن الناس ينجذبون نفسيًا لظاهرة المخدرات الرقمية عندما يعلمون أن هذه الملفات هي بديل للمخدرات الحقيقية. يؤدي الانجذاب النفسي لهذه الفكرة إلى تصور المتعاطي لهذه الملفات كمخدرات بديلة للمخدرات الحقيقية.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

22

متابعين

5

متابعهم

5

مقالات مشابة