أنت المخطئ أيها الفم .. أنت المخطئة أيتها اليد

أنت المخطئ أيها الفم .. أنت المخطئة أيتها اليد

0 reviews

                                                                                       أنت المخطئ أيها الفم.. أنتِ المخطئة أيتها اليد

          ها..ها..ها..ها ،بهذه الضحكات ارتفع صوت الفم ،وقال في أنفة: أتريدينني أن أعمل في غير تخصصي أيتها اليد؟! أأبحث عن عمل في غير مجالي؟! . لقد ظللت طوال عمري أدرس ،أتعلم؛لأحصل علي وظيفة ثم تطالبينني بالبحث عن أي عمل آخر، هيهات إنني تعلمت ؛لكي أكون معلما ولن أتنازل عن ذلك.

          سأظل منتظرًا وظيفتي مهما طال الزمن . لا أنكر يايد أن العمر يتسرب ،ولم أفعل شيئا. لقد كان أبي يعقد علي الكثير من الآمال ،ينتظر يوم تخرجي ؛لأحمل عن كاهله جانبا من هموم الحياة. كان يرسم لي في ذهنه صورة تشع نورًا، ولكنها ما لبثت أن انطفأت، أشعر بالعجز رغم شبابي ،إنني أملك من العمر "ستا وعشرين سنة، ولكنني أشعر بأنني ابن مائة سنة، اتذكر يوم أن كنت في الجامعة وتصاحبني الأحلام الوردية ،أما الآن فلا أراها فلونها أصبح قاتما.

          إن كل شيء دار في خلدي وحلمت به أصبح حطاما ولكنني منتظر ، وسأظل منتظرا الوظيفة.. ولن أيأس،

                      "فأنت مخطئة أيتها اليد"

           أنا لست مخطئة أيها الفم، فأنا تخرجت معك في سنة واحدة،ولكنني بحثت عن عمل،ولم أنتظر الوظيفة ،طورت من نفسي، أخذت دورات في الحاسب الآلي واللغات، وبدأت أعمل وأتنقل من وظيفة إلي وظيفة أعلي.

         لم أشعر يوما بالملل، تغيرت حياتي بنيت أسرة ،لاأنكر أنني كنت أتمني أن أعمل في مجالي ، ولكنها ظروف الحياة،لابد أن نتماشي مع كل تغيراتها، ونغيركل مانكتبه في صفحات عقولنا طبقا لمتطلبات حياتنا.

         أيها الفم،صدقني إنني عندما أفكر في المستقبل أنظر إلي ماأحويه ،فأنا أحتوي علي أصابع خمسة: فالإصبع الأول يحمل شعلة العلم ،والثاني يحمل لغة العصر"الحاسب الآلي" الذي أصبح مكونا مهما من مكونات هذا العصر،أما الإصبع الثالث يحمل اللغات الأخري "الأجنبية" التي أصبحت نقطة ماء في الصحراء الواسعة يلجأ إليها الظمآن؛لينجو من الموت،والإصبع الرابع يحمل الاحترام لكل شئ ،لنفسي أولا ،وعملي وزملائي ثانيا،والإصبع الخامس يحمل شعلة الطموح إلي مستقبل أفضل ،أحاول جاهدا أن أحدد ملامحه من خلال عملي الذي أؤديه بكل دقة وإخلاص.

        صدقني يافم ،إن العمل الآن لن يأتي إليك، بل لابد أن تبحث عنه في كل مكان ،فهل من المعقول أن تفتح فمك ،وتنتظر أن يسقط العنب فيه؟!،بل لابد أن تمد يدك؛لتجني ما تريده وتضعه في فمك،إن العنب لن يسقط في فمك دون أن تمد يدك إليه.

         هذه هي لغة العصر الآن أن تمد يدك لا أن تنتظر أن يأتي إليك،إنني أخشي عليك يافم،وعلي الكثير من إخوتك الذين يفكرون التفكيرنفسه.

         لقد تغيرت الحياة فلماذا لا نتغير معها؟!، أننتظر الوظيفة أم نسعي إليها؟!، أنعيش في حلم أم نبحث عن واقع ؟! ،أنسير في ممر ضيق أم نبحث عن فضاء واسع؟!.

       أمامك كل المفردات ،فاختر لنفسك صورة ،أتجلس مكتئبا وتضع يدك علي رأسك وتعيش في وهم الانتظار، أم ترفع رأسك ،وتنطلق في الحياة وتبحث هنا وهناك عن عمل تمحو به وهم الانتظار. إنك أمام صورتين فأيهما تختار؟ واعلم جيدا:

                                  "إنك أنت المخطئ أيها الفم"

         يافم يالسان ،كفي ماسمعته منكما ،أنا الحياة أقولها بصوت مرتفع: "أحتاج لشباب تمد يدها ، لاتفتح فمها ،تتعامل مع مفرداتي ،وتقول لحاضرها:سأصنع منك جسرا أعبر به إلي المستقبل ،وسأنحت في جبالك ؛لأصنع لنفسي مكانا أحتمي فيه ،وأحمي نفسي من الانضمام لطابور المنتظرين.

                          هذه مفرداتي فمن المخطئ؟!

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

3

followers

2

followings

2

similar articles