مقال اصل المعرفة عند اليونان

مقال اصل المعرفة عند اليونان

0 المراجعات

مقال حول اصل المعرفة عند اليونان . هل اصل المعرفة العقل ام الحواس؟ سنة ثانية .

هل المعرفة في التفكير اليوناني من طبيعة عقلية، أم حسية ؟ هل أصل المعارف عند فلاسفة اليونان عقلي مطلق ، أم حسي متغير ؟.

طرح المشكلة : عرف الإنسان منذ خلقه أنماط كثيرة من التفكير. وبخاصة في الحضارة اليونانية في بداية القرن(6ق .م) ، عندما حاول اليونانيون الإجابة عن الأسئلة التالية : ماذا فوق الأشياء ؟..... ثم ماذا وراء هذه الأشياء ؟وصولا إلى كيفية التعايش مع هذه الأشياء ؟.غير انه كان التفكير قبل ذلك مرتبطا بجانبه الأسطوري واللاهوتي الغيبي ، وأحيانا يُمزج بالخرافة . خاصة عندما يكون السؤال متعلقا بتفسير العالم وكيفية نشاته . هذا ما أدى إلى وجود صراع فكري بين الفلاسفة اليونانيين ، فمنهم من اعتبر أصل المعرفة هو الحواس ، في حين رده البعض الآخر منهم إلى العقل . ومن اجل الفصل في حقيقة هذا الجدل يمكننا أن نطرح التساؤل التالي :هل يمكن أن تكون الحقيقة نسبية متغيرة وبالتالي مصدرها الحواس ، أم أنها ثابتة ومطلقة وبالتالي أصلها العقل ؟. بمعنى آخر . هل المعرفة عند فلاسفة اليونان أصلها المشاهدات الحسية ، أم تفكير عقلي مجرد؟

محاولة حل المشكلة:

الاطروحة الاولى : (المعرفة أساسها عقلي) يرى أنصار هذه الموقف وخاصة الفيلسوف سقراط بان جميع المعارف مصدرها الأول العقل ، وليس الحواس ومن بين المسلمات المعتمدة في ذلك نجد: أن الحقيقة مطلقة وثابتة وليست نسبية ، ولتعزيز هذه المسلمات اعتمدوا جملة من الأدلة منها : أن الحقيقة ثابتة تتجاوز حواس الإنسان ، فهي ليست مجرد أمر فردي. بقول سقراط : ( اعرف شيء واحد ، وهو أني لا احسب نفسي اعرف شيء ) أي أن التفلسف ينطلق من طريق الشك في جميع الحقائق ، إذ تبدأ المعرفة بشعور الإنسان بالجهل. وبالتالي فالعقل هو أداة تحصيل المعرفة ، لأنه عام ومشترك عند جميع الناس ، ولا يختلف إدراكه من شخص إلى آخر ، وبذلك تكون الحقيقة ثابتة ومطلقة ، لان الناس يرونها بمنظار واحد وهو العقل ، أما الحواس ، لان موضوع هذه الأخيرة عالم الأشياء . ومعطياته لا تثبت على حال أي أنها متغيرة ونسبية .

النقد والمناقشة : لكن من الملاحظ أن المعرفة العقلية التي نتوصل إليها عن طريق العقل هي معارف نسبية ، وليست حقيقة مطلقة كما اعتقد سقراط ،لأنها تتغير وتتجدد بدليل تطور الرياضيات . وهي مما كان يعتقد بأنها من المفاهيم العقلية عبر التاريخ ، كما أن سقراط قد بالغ بدوره في تفسيره للمعرفة ، لأنه ركز على العقل وأهمل الحواس ، فهي النوافذ التي نتعرف من خلالها على العالم الخارجي .

الأطروحة الثانية : (المعرفة من طبيعة حسية )يرى أنصار هذا الموقف بان أصل المعرفة الحواس . مستدلين بجملة من الأدلة منها : لان حواس الإنسان هي التي تشكل معيار الحقيقة ، لأنها هي التي تظهر لنا العالم الحسي متغير . وتحدد مدى صواب الأمر أو خطاه ، وفي هذا الصدد يقول زعيم السفسطائيين بروتاغوراس : (الإنسان مقياس كل شيء ، مقياس ما يوجد ومقياس ما لا يوجد) . لذا فان الإنسان هو المبدأ الوحيد للمعارف ، فما نحسه فهو الموجود على النحو الذي نحسه به ، وما ليس في حواسنا ، فهو غير موجود وعلى ذلك تبطل الحقيقة المطلقة . لتحلل محلها حقائق متعددة بتعدد الأشخاص ، وتعدد حالات الشخص الواحد . هذا وقد اعتقد السفسطائيون ،بان كل شيء في العالم أصله التغير ، وبالتالي محله النسبية لا الثبات ، وهو ما جعلهم يعتقدون بان أصل جميع المعارف التي يتلقاها الإنسان تعود إلى الحواس .

النقد والمناقشة : لكن ما يلاحظ على السفسطائيين غلوهم هم الآخرين حينما ارجعوا مصدر المعارف إلى معطيات الحواس ، لان الاعتماد على الحواس كثيرا ما يقدم لنا معارف تكون بالأساس فاسدة . باعتبارها تخدعنا ولا يمكن لها أن تصلنا بالحقيقة مثل : رويتنا للنجوم وهي وسط السماء تبدو صغيرة الحجم ، ولكنها في الحقيقة اكبر حجما مما نراه بحواسنا والشواهد كثيرة .

التركيب (تهذيب التعارض ): وعموما ومما سبق ذكره نهتدي إلى موقف أفلاطون الذي يميز بين عالمين : العالم المرئي الحسي ، والعالم العقلي وهو عالم المثل ، فالعالم الحسي هو العالم الذي قد نتعرف عليه من خلال الحواس ، باعتباره عالم الظواهر الطبيعية ، أما العالم العقلي فهو الذي يوجد وراء العالم الحسي . لذا يتم إدراكه عن طريق العقل وينطوي على الحقيقة الكاملة ، وهذا العالم هو العالم الواقعي ، لأنه أزلي وثابت يتألف من عدة مثل وهي تشكل سلما في قمته نجد مثال الخير وهو المثال الأعلى . والرأي الصحيح هو الذي يرى بان فلسفة أفلاطون قائمة على أساس ثنائية (المثل والمادة )والتي تؤدي إلى الانفصال المطلق بين العقل والحواس والحقيقة المطلقة ليس لها وجود.

حل المشكلة :

الخاتمة : وفي الأخير نستنتج أن المعرفة الصحيحة نتوصل إليها عن طريق الحواس والعقل معا . لان هناك تكامل بينهما ، وبالتالي نسبية ومطلقة ف"ث نفس الوقت .

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

5

متابعين

20

متابعهم

102

مقالات مشابة