هل يكفي المعاش لشراء الكرامة بعد الستين؟

هل يكفي المعاش لشراء الكرامة بعد الستين؟

0 reviews

هل يكفي المعاش لشراء الكرامة بعد الستين؟

عندما يصل الإنسان إلى سن الستين، تبدأ مرحلة جديدة من حياته. مرحلة يفترض أن تكون مليئة بالراحة والطمأنينة، بعد سنوات طويلة من العمل والتعب وبذل الجهد. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يكفي المعاش الشهري لتحقيق هذه الراحة؟ وهل يستطيع المتقاعد أن يحافظ على كرامته واستقلاله المادي دون الحاجة لطلب المساعدة؟


المعاش… بين الحلم والواقع

في خيال الكثيرين، المعاش هو المكافأة التي يحصل عليها الموظف بعد رحلة عمل طويلة، وهو الضمان الذي يقيه من العوز في الشيخوخة. لكن الواقع غالبًا ما يكون مختلفًا، إذ يجد البعض أن المبلغ الذي يتقاضونه بالكاد يغطي الاحتياجات الأساسية مثل الإيجار والطعام والدواء. وهنا يبدأ الصراع بين التنازل عن بعض متطلبات الحياة أو البحث عن مصادر دخل إضافية، وهو أمر ليس سهلًا بعد سن الستين.


الكرامة… ليست رفاهية

الكرامة بعد التقاعد تعني أن يعيش الشخص مستقلاً، قادرًا على دفع فواتيره وشراء احتياجاته دون الاعتماد على الأبناء أو الأقارب. لكنها ليست مجرد أموال في الجيب، بل شعور بالأمان النفسي والاحترام الاجتماعي. المعاش الضعيف قد يدفع البعض إلى مواقف محرجة، أو يجعلهم مضطرين لطلب المساعدة، وهو ما يجرح كبرياءهم بعد سنوات من العطاء.


تحديات ما بعد الستين

مع التقدم في العمر، تزيد النفقات الطبية بشكل كبير، خاصة إذا كان الشخص يعاني من أمراض مزمنة تحتاج لعلاج مستمر. كما أن التضخم وارتفاع الأسعار يقللان من قيمة المعاش الحقيقية عامًا بعد عام. وحتى الأنشطة الترفيهية أو السفر، التي قد تكون وسيلة لتحسين الصحة النفسية، تصبح رفاهية بعيدة المنال.


 

حين يصبح المتقاعد رهينة لزيادة سنوية لا تكفي فاتورة الكهرباء


الزيادة السنوية… أمل يتحول إلى خيبة

كثير من المتقاعدين ينتظرون الزيادة السنوية في معاشاتهم كما ينتظر الفلاح المطر في موسم الجفاف. لكن ما إن تصل هذه الزيادة، حتى يكتشفوا أنها لا تكفي حتى لدفع فاتورة الكهرباء، فبدلاً من أن تكون طوق نجاة، تتحول إلى مجرد رقم صغير يُضاف على الورق، بينما يظل الواقع كما هو… أو أسوأ.


معاش ثابت وأسعار لا تهدأ

المشكلة الأساسية أن المعاشات ثابتة لفترات طويلة، بينما الأسعار تتغير بوتيرة أسرع من نبضات القلب عند صعود الدرج. كل عام ترتفع تكاليف المعيشة: فواتير الكهرباء والمياه، أسعار الطعام، الأدوية، وحتى المواصلات. النتيجة؟ تصبح الزيادة السنوية مجرد قطرة في بحر النفقات، لا تسد ثغرة واحدة في ميزانية البيت.


المتقاعد بين مطرقة الفواتير وسندان الالتزامات

المتقاعد لا يعيش في عزلة عن الحياة اليومية، بل عليه التزامات ثابتة لا يمكن تأجيلها. فاتورة الكهرباء وحدها قد تلتهم نصف أو كل الزيادة السنوية، وإذا أضفنا فاتورة المياه، والإنترنت، وأقساط العلاج أو الأدوية المزمنة، نجد أن الراتب التقاعدي يتبخر في أيام قليلة من بداية الشهر.


الإحساس بفقدان الكرامة الاقتصادية

حين يضطر المتقاعد إلى الاقتراض من أبنائه، أو تقليل نفقاته على صحته أو طعامه، يشعر وكأنه فقد جزءًا من كرامته التي بناها طوال سنوات العمل. فالإنسان الذي خدم بلده لسنوات طويلة، يستحق أن يعيش شيخوخته بكرامة، لا أن يتحول إلى رهينة أرقام لا تكفي أساسيات الحياة.


الحل… ربط المعاشات بتكاليف المعيشة

الحلول موجودة، وأهمها أن تكون الزيادة السنوية مرتبطة فعلًا بارتفاع الأسعار، لا مجرد نسبة ثابتة تُمنح للجميع. فإذا ارتفعت أسعار الكهرباء أو الغذاء بنسبة معينة، يجب أن تعكس الزيادة ذلك الارتفاع، حتى تظل القوة الشرائية للمعاش كما هي، ولا يفقد المتقاعد قدرته على تلبية احتياجاته الأساسية.


الخلاصة

المعاش وحده في كثير من الأحيان لا يكفي لشراء الكرامة بعد الستين، خاصة إذا كان ضعيفًا أو غير متناسب مع تكاليف المعيشة. الكرامة الحقيقية تتطلب مزيجًا من الدعم المالي، والرعاية الصحية، والسياسات الاجتماعية التي تضع كبار السن في قلب الاهتمام، حتى يشعروا أن سنوات عطائهم لم تذهب سدى.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

51

followings

6

followings

16

similar articles