
لماذا نكرر نفس الأخطاء؟ 🔁 علم النفس يشرح دوامة التكرار السلوكي
لماذا نكرر نفس الأخطاء؟ 🔁 علم النفس يشرح دوامة التكرار السلوكي
هل سبق أن وجدت نفسك تقول: "لن أكرر هذا مجددًا!" ثم... تكرره؟
ربما تواعد نفس النوع من الأشخاص، أو تنخرط في نفس الجدالات، أو تتخذ قرارات تعرف مسبقًا أنها ستقودك لنفس النهاية المؤلمة. لماذا نُعيد نفس السيناريوهات رغم معرفتنا بنتائجها؟ هل نحن ضعفاء الإرادة؟ أغبياء؟ أم أن الأمر أعمق من ذلك بكثير؟
في هذا المقال، سنغوص في عمق النفس البشرية، ونكشف السبب الحقيقي وراء تكرار الأخطاء، وفقًا لعلم النفس الحديث، وكيف يمكن كسر هذه الحلقة المؤذية.
---
🔍 ما هي "دوامة التكرار السلوكي"؟
في علم النفس، يُطلق على هذا النمط اسم "الإكراه على التكرار" (Repetition Compulsion) وهو مصطلح صاغه فرويد لوصف ميل الإنسان اللاواعي إلى إعادة التجارب المؤلمة على أمل الوصول إلى "نتيجة مختلفة".
ببساطة، نحن لا نكرر الخطأ لأننا لا نتعلم، بل لأن عقولنا تحاول بطريقة غير واعية حلّ تجربة لم تُحلّ سابقًا.
---
🧠 كيف يبدأ التكرار؟
1. تجربة الطفولة: أغلب أنماط التكرار تبدأ من تجارب الطفولة، مثل الإهمال، الرفض، التعلق غير الآمن، أو التعنيف.
2. الذاكرة الانفعالية: العقل يخزن الشعور المرتبط بالتجربة أكثر من تفاصيلها. لذلك، عندما تواجه موقفًا مشابهًا شعوريًا، تعود للتصرف بنفس النمط.
3. برمجة العقل الباطن: التكرار يصبح "طبيعيًا" بالنسبة لك، لأنه مألوف، حتى وإن كان مؤلمًا.
---
💔 أمثلة واقعية:
الفتاة التي تقع دومًا في حب شخص بارد أو غير متاح: هي في الغالب تحاول – دون وعي – إعادة علاقتها بوالد كان غائبًا عاطفيًا.
الشخص الذي يخسر وظائفه بسبب نفس الأخطاء السلوكية: ربما تربى على أن قيمته مرتبطة بـ"إرضاء الآخرين" وليس بذاته.
---
🔓 كيف نكسر هذه الدوامة؟
1. الوعي: إدراك النمط هو أول خطوة. اسأل نفسك:
متى بدأت هذه السلسلة؟
ما القصة التي أكررها دون وعي؟
2. كتابة النمط: امسك ورقة ودوّن الحوادث المتكررة بحياتك. ستلاحظ وجود خيط مشترك.
3. التصالح مع الجذور: لا يكفي تجنب التكرار، بل يجب معالجة الأصل – غالبًا عن طريق العلاج النفسي أو التحدث مع مختص.
4. إعادة برمجة الذات: باستخدام التأمل، الكتابة الواعية، أو تقنيات مثل CBT (العلاج السلوكي المعرفي).
5. التحلي بالرحمة الذاتية: لا تجلد نفسك على ما مضى. أنت لست فاشلًا، بل إنسان يتعلم.
---
🧩 لماذا يصعب التغيير أحيانًا؟
لأن الألم المألوف أحيانًا أهون من الألم المجهول. نحن نفضل البقاء في نمط مؤلم لكن معروف، على الدخول في مجهول يتطلب مواجهة الذات واللاوعي والماضي.
---
📌 خلاصة:
نكرر الأخطاء لأننا نحاول دون وعي "إصلاح" ما كُسر سابقًا. علم النفس لا يلومنا، بل يفتح لنا نافذة لفهم أنفسنا بعمق.
الوعي بالنمط، والرحمة مع الذات، والجرأة على المواجهة… هي مفاتيح التحرر من السلوكيات المكررة.
---
✍️ عن الكاتبة:
د. ولاء بني يونس – كاتبة وملهمة، تحمل درجة الدكتوراه في الجغرافيا من الجامعة الأردنية، تهتم بقضايا النفس الإنسانية، والأسرة، وتبسيط المعرفة الأكاديمية لجعلها قريبة من الناس. تنشر مقالاتها عبر منصات رقمية تستهدف التغيير والإلهام.