الطاقة والمناخ: السباق إلى عصر الكهرباء النظيفة

الطاقة والمناخ: السباق إلى عصر الكهرباء النظيفة

0 reviews

الطاقة والمناخ: السباق إلى عصر الكهرباء النظيفة

في الوقت الذي تزداد فيه حرارة الأرض، وتشتدّ حدّة الكوارث الطبيعية، يشهد العالم سباقًا محتدمًا نحو مصادر الطاقة النظيفة. لم يعد الحديث عن الطاقة المتجددة رفاهية أو حلمًا بيئيًا، بل تحوّل إلى أولوية قصوى في معادلة المناخ والاقتصاد العالمي، حيث تقف الدول الكبرى عند مفترق طرق: إمّا التحوّل الجذري... أو مواجهة الانهيار البيئي.

الكوكب يختنق

تُظهر بيانات 2025 ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات ثاني أكسيد الكربون، إلى جانب زيادة حوادث الطقس القاسي، من فيضانات إلى موجات حرّ قاتلة وجفاف أنهك الزراعة. وبينما تشير الدراسات إلى أن الوقود الأحفوري مسؤول عن أكثر من 70% من انبعاثات الغازات الدفيئة، تقف البشرية أمام خيار مصيري: إما التغيير أو التلاشي.

من النفط إلى الشمس والرياح

بدأت دول كثيرة في الشرق والغرب تعيد رسم استراتيجياتها الطاقوية، متجهة نحو:

الطاقة الشمسية: أرخص مصدر للطاقة في العالم حاليًا، وقد بدأت تنتشر في المناطق الصحراوية في السعودية، مصر، المغرب، وأستراليا.

الطاقة الريحية: خاصة في السواحل الأوروبية، حيث توفر الآن ما يقرب من 25% من الكهرباء في دول مثل الدنمارك.

الهيدروجين الأخضر: وقود المستقبل، الذي يُنتج من الماء باستخدام كهرباء نظيفة، ويستخدم في الطيران والصناعة.

 

التحول إلى الكهرباء النظيفة لم يعد فكرة بيئية فقط، بل أصبح استثمارًا اقتصاديًا ضخمًا؛ إذ تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الاستثمارات في الطاقة النظيفة تجاوزت للمرة الأولى في 2024 حاجز 2 تريليون دولار سنويًا.

من يربح السباق؟

السباق لا يشمل البيئة فقط، بل أيضًا النفوذ الاقتصادي. فالدول التي تنجح في الهيمنة على تقنيات الطاقة المتجددة، ستقود الاقتصاد العالمي القادم. الصين مثلًا، تنتج حاليًا أكثر من 80% من ألواح الطاقة الشمسية في العالم، وتسعى لتكون "مصدر البطاريات النظيفة" للعالم.

في المقابل، دخلت أوروبا بقوة في سباق الابتكار، في حين وضعت أمريكا خطة خضراء بقيمة 370 مليار دولار لتشجيع شركاتها على تبنّي الطاقة المتجددة.

العالم العربي: طموح رغم التحديات

الدول العربية، رغم اعتمادها على النفط، بدأت تسجّل حضورًا طموحًا في هذا الميدان:

السعودية دشّنت مشروع "نيوم" الذي يسعى لأن يكون أول مدينة خالية من الانبعاثات.

الإمارات أنشأت واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم.

المغرب يُعد رائدًا أفريقيًا في مجال الطاقة الشمسية الحرارية.

مصر تطلق مشاريع واسعة في "بنبان" وغيرها، لاستغلال مواردها الشمسية.

 

لكن، يبقى التحدي الكبير في التمويل، والبنية التحتية، والسياسات المستقرة طويلة الأمد.

هل الكهرباء وحدها كافية؟

التحوّل إلى الكهرباء النظيفة ليس كافيًا ما لم يُصاحبه تغيير في نمط الحياة: تقليل الهدر، رفع كفاءة المباني، الاستثمار في النقل الكهربائي، وتقوية شبكات تخزين الطاقة. كما يجب أن تشمل العدالة المناخية الفقراء والدول النامية، حتى لا يتحوّل الانتقال الطاقوي إلى عبء جديد.

الختام: هل نربح السباق؟

الزمن ليس في صالحنا. لكن ما زالت لدينا فرصة. السباق إلى الكهرباء النظيفة هو سباق من أجل البقاء. وهو يختبر قدرتنا كحضارة على التعاون، الابتكار، واتخاذ القرارات الصعبة قبل فوات الأوان.

ولعلّ الطفل الذي يُولد اليوم، يستحق أن يرى سماءً زرقاء، وهواءً نقيًا، ومدنًا لا تُدار بالفحم، بل بأشعة الشمس ونفحات الريح.

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

77

followings

5

followings

1

similar articles