حين تصبح الجراح حبرًا، والحزن وقودًا للتميّز

حين تصبح الجراح حبرًا، والحزن وقودًا للتميّز

0 reviews

حين تصبح الجراح حبرًا، والحزن وقودًا للتميّز

في لحظةٍ ما، يُغلق الباب، يرحل أحدهم، تنهار خطّة، تتكسّر ثقة، ويضيق الصدر بما لا يُقال. الألم النفسي… ذلك الزائر الثقيل الذي لا يُرى، ولا يُفهم بسهولة، لكنه يُعاش بكل تفاصيله. هو الألم الذي لا يحتاج ضمادًا على الجرح، بل صوتًا يسمع، وقلبًا يحتوي.

لكن، ماذا لو قلنا إن هذا الألم قد يكون وقودًا لشيء أجمل؟

نعم، قد يبدو غريبًا، لكن الألم النفسي هو مادة خام هائلة للإبداع، إذا أُدير بوعي.

دعونا نعود للوراء قليلاً… هل تعلمين أن أعظم الرسّامين، الكتّاب، الشعراء، وحتى العلماء، خاضوا لحظات من الألم الداخلي الحاد؟ فان جوخ رسم لوحاته الخالدة وهو يصارع الاكتئاب، فرويد أسّس نظريات التحليل النفسي من تجربته مع الحزن العميق، ونزار قباني كتب أعذب القصائد من نزف قلبه بعد فقدان من أحبّ.

إذن، ما السر؟

السر هو في تحويل هذا "الوجع" من خانة الضحية إلى خانة الرسالة. أن تسأل نفسك: ما الذي يريد هذا الألم أن يُعلّمني؟ كيف أستثمر كل هذه المشاعر المؤلمة في شيءٍ يُعبّر عني، ويشفي غيري في الوقت نفسه؟

الألم النفسي يجعلك أكثر عمقًا، أكثر شعورًا، أكثر إنسانية. وهذا العمق هو بذرة الإبداع. قد تكتبين، ترسمين، تلحنين، تتحدثين، تصمّمين، أو حتى تطلقين مشروعًا فيه لمسة شفاء للآخرين.

ليس لأنك تجاوزتِ الألم، بل لأنك جعلتِ منه جسرًا نحو شيء نافع.

وهنا تأتي المعادلة الذهبية:

“أنا أتألّم… إذًا أنا أستطيع أن أُبدع.”

الألم النفسي يجعلك ترى الحياة من زاوية لا يصل إليها من لم يُكسر قلبه من قبل. وهذه الزاوية، إن أمسكت بها جيدًا، ستصبح نافذتك الخاصة نحو التفرّد.

لكن لنكن صادقين… الطريق ليس سهلاً.

تحويل الألم إلى إبداع لا يعني إنكار مشاعرك، ولا الهروب منها. بل يعني أن تحتضنها، تفهمها، وتُخرجها بشكل جديد. لا بأس أن تبكي، أن تنهار أحيانًا، أن تسأل "ليش؟"، لكن ما لا يجوز هو أن تسمح لهذا الألم أن يُخرسك إلى الأبد.

ابدأ بخطوة بسيطة: دفتر وقلم، مساحة فارغة على الشاشة، أو حتى تسجيل صوتي لنفسك. عبّر. افضح مشاعرك للورق، لا للعالم. صدّقني… ما يبدو اليوم جرحًا، قد يكون غدًا مصدر إلهام.

وتذكّري دائمًا:

ليس كل من يبتسم سعيدًا، وليس كل من تألّم انتهى.

بعض القلوب المكسورة، تُنتج أعظم الألحان.

اجعل من ألمك بصمة لا تشبه غيرك.

دع العالم يرى النور الذي خرج من ظلامك.

فأنت لا تُشفى حين تنسى، بل حين تخلق من الألم شيئًا يستحق أن يُذكر.

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

62

followings

5

followings

1

similar articles