العلم يكتشف .. معالم الجريمة

العلم يكتشف .. معالم الجريمة

0 reviews

لقد اعتمد رجال الأمن في كشف الجرائم وتعقب الجناة والقبض عليهم على أساليب علمية بحتة، واستخدموا لتحقيق غايتهم كل ما أخرجته عقول العلماء من أجهزةٍ فنيةٍ وطرقٍ علمية.

أراد رجال الأمن تعقب الجناة والقبض على المجرمين، فاستخدموا اللاسلكي، فأعدوا سيارات خاصة بها أجهزة استقبال لاسلكية، وبنوا محطة لاسلكية خاصة برجال الشرطة والأمن، ووزعت السيارات على مناطق المدينة، فإذا حدثت جناية في ناحية ، وحاول الجناة الهرب والإفلات من يد الشرطة، بلغت الحادثة وأوصاف الجناة باللاسلكي إلى محطة الإذاعة الخاصة بالشرطة، فتبادر المحطة إلى إذاعة هذه الرسالة، ويتلقاها كل رجال الشرطة في سياراتهم المنتشرة، فيترقبون المجرمين الذين عرفوا أوصافهم، ويدققون الملاحظة في تتبعهم، فلا يلبثون أن يضعوا أيديهم على الجاني في أية منطقة، حاول أن يفر إليها ويختبئ فيها.

وحدث أن سطت عصابة من اللصوص على متجر جوهري بلندن، وبعد أن أتم اللصوص سرقتهم اتجهوا بسيارتهم إلى خارج المدينة محاولين الهرب.

وفي دقائق معدودات، أرسل الخبر إلى المحطة اللاسلكية التابعة لرجال الشرطة، فأذاعته بدورها، وتلقته السيارات التابعة لها المتفرقة في أنحاء المدينة، فاندفعت بمن فيها تطارد الجناة حتى قبضت عليهم قبل مغادرة المدينة.

واستطاع العلم من بقعة الدم التي يتركها الجاني في مكان الحادث أن يستدل منها على أشياء كثيرة، تنير الطريق أمام المحققين.

فالدم البشري  أربع فصائل رئيسية، فإذا دل الفحص الكيماوي على أن بقعة الدم تنتمي إلى فصيلة حرف ألف، في حين أن دم المتهم ينتسب إلى فصيلة ب فلا يمكن أن تكون بينهما أية علاقة، أما إذا ثبت أن دمه من دم البقعة كان ذلك بداية لاستكمال البحث والتدقيق.

ويقوم المجهر (الميكرسكوب) بدور خطير، إذ يستخدم في فحص الشعر وبصمات الأصابع، والكتابة التي تدور حول صحة التوقيع، نظرا  لأن المزورين من  ألد أعداء الإنسانية، وهم على جانب كبير من الحذق والبراعة، وفي وسعهم أن يقلدوا أي إمضاء تقليد متقناً، ولكنهم يفشلون في ناحية واحدة، وهي الجرة الطبيعية لخطوط الإمضاء، لأن المزور في تقليده الإمضاء لا يكتبها بنفس طلاقة صاحبها وخطه الطبيعي، وعلى ذلك فالوقفات والفجوات الصغيرة التي لا تبدو للعين المجردة في الإمضاء المزور تظهر بجلاء تحت المجهر.

وقد يجد العلم قيمة كبرى لأشياء تبدوا لنا تافهة، فقد وجد رجال الشرطة جثة فتاةٍ قد عدا عليها البلى في غابةٍ كثيفة، وكان معظم أنسجة الجسم قد ذهب ولكن بقي عليها بعض الملابس وحبلٌ حول عنقها، يتصل بقيدٍ في يديها.

ولما استخدمت الأشعة السينية في البحث، أمكن تحديد طول قامة الفتاة وعمرها ووزنها، ولما أعلن عن أوصافها في الصحف جاء أبواها يلهثان بحثاً عن فتاتهما.

ثم ثبت بعد ذلك أن حلقة الحبل حول عنقها كانت ضيقة إلى حد يكفي لخنقها ، وظهر ذلك بتجربته على مائةٍ وخمسٍ وعشرين فتاة من نفس طول الضحية ووزنها، ثم أظهر فحص المجهر نوع الحبل بالدقة، فعرف المصنع الذي أخرجه، وعرف المحققون من أبويها أنها بارحت منزلها من ثلاثة أشهر قبل العثور على جثتها، وقرر الخبراء الزراعيون بعد تقدير نوع الطقس من حرارةٍ ورطوبةٍ أن جسد الفتاة ظل ملقى قرابة الثلاثة الأشهر، وقد اعتصروا تلك الحقيقة من فحص الحشائش المتعفنة تحت جُثة الفتاة، ووضح الدافع إلى كل هذا بعد أن  اكتشف عظام دقيقةٌ لجنينٍ في أحشائها.

وانطلق رجال الشرطة يبحثون في كل مكانٍ حتى وضعوا أيديهم على شابٍ كان للفتاة به صلة، وضاق عليه الخناق حين وُجدت عنده قطعةُ حبلٍ تُشبهُ ذلك الذي خُنقت به الفتاة، وبهذا الحبل اقتيد الشاب إلى ظلام السجن.

وهل تصدق أن شعرتين تركهما قاتلٌ في مكان الجريمة تكشف عنه، وتُزيح الستار عن جميع معالم الجريمة.

لقد وقعت جريمة قتلٍ في أحد أحياء لندن الفقيرة، حيث وجدت امرأة مقتولة عند مطلع الفجر بعد أن سُلبت مالها وحُليها، وعُثر  على شعرتين من رأس رجلٍ بجانب جثة القتيلة، قد تكونان اللقاتل وربما لا تكونان، وكانت القرينة الأخرى شهادة عابر سبيل بأنه رأى في الصباح المُبكر رجلا يرتدي معطفاً طويلاً أثناء خروجه من زُقاق القتيلة، ولكنه لم يستطع أن يُدلي بأوصاف أخرى عنه، ولم تكن هذه البيانات المبهمة مما يعول عليها كثيراً، بيد أن رجال الشرطة جمعوا الشعرتين وأرسلوهما إلى خبيرٍ في الشعر، فتعرف الخبير منهما على معلومات كثيرة، فقد ظهر من فحصهما تحت المجهر ( الميكرسكوب) أنهما لرجل أبيض الشعر في الخمسين من عمره.

ودل فحص أطراف الشعرتين على أن صاحبهما قص شعر رأسه أخيراً، كما تعرف الخبير من عثوره على بعض آثار العرق في الشعرتين بأن هذا الرجل بدينُ الجسم، يعرق بسرعة، فرأى رجال الشرطة في هذه المعلومات ما يكفي لمعاونتهم في مهمتهم، فطافوا على حلاقي الناحية يسألونهم إذا كان أحدهم قد قص منذ أسبوعٍ شعر رجلٍ بدين في الخمسين من عمره أسمر اللون، يرتدي معطفا طويلا أسود، وبعد أن طرقوا أبواب نحو ثلاثين حانوتاً للحلاقة، قال صاحب الحانوت الأخير إنه يذكر ذلك، وإن هذا الرجل هو فلان، فذهب رجال الشرطة لمقابلة الرجل، وبعد تحقيقاتهم مع اعترف بجريمته.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

168

followings

583

followings

6652

similar articles