
إلى جيل الثمانينات
أكبرنا بلغ الخامسة والأربعون وأصغرنا لم يتجاوز السادسة والثلاثون من عمره.
لابد وأنك تتذكر بعضاً من الأغاني القديمة التي تدغدغ مشاعرك عندما ترددها في ذهنك، فكل أغنية أو ألبوم أو مجموعة منوعة من الأغاني ترتبط بحدث أو مناسبة أو ذكرى في حياتنا.
كم قضينا من ليالي السهر برفقة الأصحاب أو الأحباب نستمع إلى أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهما ونتحدث على أنغام “سيرة الحب” و"زي الهوى" عن الحب والهوى!
وكم سهرنا ليالي بمفردنا على أنغام “ أمل حياتي” تارة و “مشغول عليك مشغول” تارة و “فات المعاد” تارة أخرى.
كم ابتسمنا في سرنا عندما سمعنا “ حلو وكداب” ونحن بصحبة الأهل أو الأصدقاء، وكم شعرنا بالاشتياق على أنغام “ياحبايبي يا غايبين” وكم شعرنا بالأسى والأسف في صوت عبد الحليم حافظ عندما قال “ما أنت يا قلب قلي.. أأنت نعمة حبي.. أأنت نقمة ربي.. إلى متى أنت قلبي”.
لابد وأنكم تتذكرون أشرطة الكاسيت، أصبح لها حنين في قلوبنا يشبه الحنين إلى أيام المراهقة.
أذكر أنني في عمر السابعة عشر ذهبت مسافة عشرات الكيلومترات لشراء كاسيت لنجاة الصغيرة لأستمع إلى أغنيتها “لاتنتقد” وكنت فرحا طوال طريق العودة بشرائي للكاسيت ومتشوقا للوصول إلى المنزل والاستماع للأغنية بواسطة المذياع الصغير ذو اللون الأحمر يتخلله اللون الأسود، ليلتها سهرت إلى ما بعد منتصف الليل وأنا أعيد سماع الأغنية، أتأمل لحنها وأنصت لطبقات العزف المتفاوتة وأصغي جيدا لأسمع صوت تلك الآلات الموسيقية التي تعزف في الخلفية لإكمال اللحن، ويغبط قلبي عندما تضحك نجاة بين مقطعين في الأغنية.
كان لعيد الحب في الرابع عشر من شباط نكهة خاصة، كانت تلك السنوات باردة الشتاء أكثر من سنواتنا هذه، كما كان أصحاب العلاقات العاطفية يستمعون إلى “هاني شاكر” الذي كان يلقب ب “مطرب العلاقات الفاشلة” لشدة الحزن في أغانيه بالرغم من أن معاني بعضها غير حزينة، لكن ربما نبرة صوت هاني شاكر الحزينة كانت تطغى على المعنى، أذكر في تلك الأيام وخاصة قبل عيد الحب بأيام كانت محلات بيع الكاسيت تضع ملصقات على الواجهات لهاني شاكر تحت عناوين مثل “ معاك تحلو الدنيا أكتر” أو “ساعة من الأغاني العاطفية” أو “ألبوم عيد الحب”، وكان حينها ل “لفاشلين عاطفيا” نصيب من كاسيتات عيد الحب مع صوت تلك الفتاة المسجل على الكاسيت والتي تبكي طيلة ساعة ونصف مع أغاني هاني شاكر الحزينة .
أغلبنا يتذكر ذلك في التسعينات، تلك السنوات المليئة بالحب والذكريات التي تجتاحنا بين حين وآخر وتدخل قلوبنا دون استئذان، ولأغاني التسعينات لنا حديث آخر.