كيف يساعد النشاط البيولوجي للجراثيم في إصلاح الشقوق الخرسانية

كيف يساعد النشاط البيولوجي للجراثيم في إصلاح الشقوق الخرسانية
المقدمة
تعد الخرسانة واحدة من أكثر المواد استخداماً في البناء حول العالم، وذلك بسبب متانتها وقدرتها على تحمل الضغوط العالية ومع ذلك فإن الخرسانة معرضة للتشققات بمرور الوقت بسبب العوامل البيئية مثل (التغيرات الحرارية ، والرطوبة ، والأحمال الزائدة) هذه الشقوق يمكن أن تؤدي إلى تدهور هيكلي للمنشآت الخرسانية إذا لم يتم اكتشافها ومعالجتها في الوقت المناسب، وفي هذا السياق ظهرت تقنيات مبتكرة تعتمد على التنوع البيولوجي للجراثيم لاكتشاف وإصلاح الشقوق الخرسانية ، مما يفتح آفاقاً جديدة في مجال الهندسة المدنية المستدامة.
التنوع البيولوجي للجراثيم ودورها في الهندسة
الجراثيم - البكتيريا هي كائنات دقيقة تتمتع بقدرات أيضية فريدة تمكنها من البقاء في ظروف قاسية وبعض أنواع البكتيريا لديها القدرة على إنتاج مواد ورواسب كلسية مثل كربونات الكالسيوم، والتي يمكن أن تملأ الشقوق في الخرسانة هذه الظاهرة تعرف بالترسيب الحيوي والتي من خلالها تقوم الجراثيم بتحويل المواد العضوية إلى معادن صلبة  هذه الخاصية الفريدة للجراثيم  تمكنها من سد الشقوق في الخرسانة بطريقة طبيعية، مما يعزز من متانتها ويطيل عمرها الافتراضي وبالتالي إصلاح هذه الشقوق بطريقة مستدامة وفعالة .

آلية عمل الجراثيم في اكتشاف الشقوق الخرسانية
عندما تتشقق الخرسانة تتعرض الطبقات الداخلية للرطوبة والهواء، مما يوفر بيئة مناسبة لنمو البكتيريا والتي تقوم بدورها في انتاج المواد الكلسية التي تتفاعل مع الخرسانة تؤدي إي اصلاح الشقوق تدريجيا أو يمكن أن نلجأ إلى إضافة جراثيم مُعدة خصيصًا لهذا الغرض تكون مقاومة للظروف القاسية داخل الخرسانة أثناء خلطها، عند حدوث شقوق في الخرسانة، تتسلل المياه إلى الداخل، مما يؤدي إلى تنشيط الجراثيم الكامنة و هذه الجراثيم تبدأ بإفراز الإنزيمات التي تحفز ترسيب كربونات الكالسيوم، مما يسد الشقوق تدريجياً ويعيد تماسك الخرسانة . 

فوائد استخدام الجراثيم في الخرسانة
    1 - استدامة المنشآت الخرسانية :
أن التقنية التي توفرها الجراثيم للخرسانة ، تساهم بشكل مباشر في تحقيق استدامة المنشآت الخرسانية  وإدارة الهياكل الخرسانية بطريقة تقلل من تأثيرها السلبي على البيئة، وذلك من خلال تقليل الحاجة إلى المواد الكيميائية الضارة المستخدمة في إصلاح الخرسانة

    2- توفير التكاليف :
تحسين جودة الخرسانة وتصميمها من خلال اعتماد الطرق كالتقنية التي نحن بصدد الحديث عنها   والتي تقلل من الحاجة إلى الاصلاحات المتكررة  )مثل إصلاح التشققات أو معالجة التآكل (، مما يؤدي إلى توفير في التكاليف على المدى البعيد  
    3- زيادة عمر الخرسانة :
تعمل على إطالة العمر الافتراضي للهياكل الخرسانية من خلال منع تطور التشققات و تقليل الحاجة إلى الصيانة والإصلاح المتكرر    

    4- اكتشاف ذاتي للشقوق :
توفر نظاماً ذاتياً للكشف عن التشققات دون الحاجة إلى تدخل بشري ، حيث تبدأ الجراثيم بإصلاح وسد الشقوق في الخرسانة بطريقة طبيعية دون الحاجة إلى تدخل بشري

    5- التحديات والقيود :
  على الرغم من الفوائد العديدة، فإن استخدام الجراثيم في الخرسانة يواجه بعض التحديات منها :
    تكلفة الإنتاج :
         قد تكون تكلفة إنتاج الخرسانة المحتوية على الجراثيم أعلى من الخرسانة التقليدية
    ظروف النمو
      تحتاج البكتيريا إلى ظروف محددة للنمو، مثل درجة الحرارة والرطوبة المناسبة   
    التوافق مع الخرسانة
  يجب ضمان أن الجراثيم لا تؤثر سلبًا على خصائص الخرسانة الأخرى مثل القوة والمتانة.     
الدراسات الحديثة والتطبيقات العملية
أظهرت العديد من الدراسات الحديثة نجاحاً كبيراً في تطبيق هذه التقنية على سبيل المثال، تم استخدام الخرسانة ذاتية الالتئام البيولوجي التي تحتوي على بكتيريا في مشاريع تجريبية في هولندا واليابان، حيث أثبتت فعاليتها في إصلاح التشققات الصغيرة ، و يتم حالياً تطوير أنواع جديدة من البكتيريا التي يمكنها تحمل الظروف القاسية مثل درجات الحرارة العالية والقلوية الشديدة و يستمر البحث في تحسين تقنيات زراعة الجراثيم وزيادة كفاءتها، مما يجعل الخرسانة الحيوية خياراً واعداً للمستقبل .

الخاتمة
يعد استخدام التنوع البيولوجي للجراثيم في اكتشاف وإصلاح الشقوق الخرسانية نهجاً واعداً و خطوة ثورية في مجال الهندسة المدنية المستدامة من خلال الاستفادة من قدرات الجراثيم مما يساهم في تحسين متانة الخرسانة وتقليل التأثير البيئي لعمليات البناء والصيانة ومع التطورات المستمرة في هذا المجال، يمكن أن تصبح هذه التقنية معياراً جديداً في صناعة البناء في المستقبل القريب