الجذور الأولى: إمبيدوكليس والفكرة الكلاسيكية للعناصر

الجذور الأولى: إمبيدوكليس والفكرة الكلاسيكية للعناصر

0 المراجعات

نظرية الاول في علم العناصر

وُلِد إمبيدوكليس في مدينة أجريجينتوم (أكراجاس) حوالي عام 490 قبل الميلاد لعائلة نبيلة. ويبدو أن والده ميتو لعب دورًا بارزًا في الإطاحة بالطاغية ثراسيداوس بعد حرب أهلية في عام 470 قبل الميلاد. وتبع إمبيدوكليس المسار الديمقراطي لعائلته، فشارك في الإطاحة بالحكومة اللأرستقراطية التي خلفت الطاغية. وكان معروفًا بدعمه القوي للفقراء ومعارضته الشديدة للأرستقراطية، حتى أنه رفض عرضًا لحكم مدينته. وانعكست سعة اطلاع إمبيدوكليس وبلاغته في قدرته على علاج الأمراض ومنع الأوبئة، مما أدى إلى ظهور العديد من الأساطير. وقيل إنه كان منجمًا ماهرًا ويعتقد البعض أنه ساحر لديه القدرة على التحكم في الرياح. وفي قصيدته الشهيرة، التطهيرات، ادعى إمبيدوكليس أنه يتمتع بقوى خارقة للطبيعة مثل تدمير الشر وإطالة العمر والتحكم في الرياح والأمطار. يقال إنه قام بعدة رحلات، بما في ذلك رحلة إلى بلاد فارس والهند. ووفقًا لأرسطو، توفي إمبيدوكليس عن عمر يناهز الستين عامًا، ويقال إنه ألقى بنفسه في ألسنة اللهب في جبل إتنا.

أمبادوقليس (باليونانية القديمة ΈμπεδοΚλής) (من 490 ق.م إلى 430 ق.م)

 كان فيلسوفاً يونانياً عاش في فترة ما قبل سقراط، وُلد في مدينة آغريغنتوم، وهي مدينة يونانية تقع في صقلية. يُعتبر أمبادوقليس رائدًا لنظرية العناصر الأربعة، حيث اقترح أن الكون يتكون من أربعة عناصر أساسية: الأرض، الماء، الهواء، والنار. كما قدم مفهوم قوى الحب والبغض كقوى تحكم تمازج العناصر أو انفصالها.

بتأثره بالفلسفة الفيثاغورثية، آمن أمبادوقليس بتناسخ الأرواح، وكان آخر فيلسوف إغريقي يدوّن أفكاره وفلسفته في أبيات شعرية. تُوفي أمبادوقليس في ظروف غامضة عندما ألقى بنفسه في فوهة بركان، وهو حدث أصبح مادة غنية للأساطير والكثير من المعالجات الأدبية.

أمبادوقليس لم ينتمِ إلى أي مدرسة فلسفية محددة، بل كان تفكيره مزيجًا من أفكار بارمنيدس، فيثاغورث، والمدارس الأيونية. آمن بالعقائد السرّانية الأورفية، واتبّع التفكير العلمي والعلوم الفيزيائية. ربط أرسطو بينه وبين علماء المدرسة الأيونية والعلماء الذريين الإغريق، وكذلك آناكساغوراس.

حركة الوجود أمبادوقليس

سعى أمبادوقليس إلى إيجاد الأساس لكل تغيير يحدث في الطبيعة. على عكس هيرقليطس الذي اعتبر أن الصيرورة والحركة هما الوجود، والسكون أو الرقود هو اللا-وجود، لم يعتبر أمبادوقليس ذلك. بل، مثل العلماء الأيونيين والذريين الإغريق، كان يعتقد أن الوجود لا يمكن أن يتحول إلى لا-وجود، والعكس. افترض أمبادوقليس أن الموت التام أو الفناء أمر غير ممكن، وأن ما نسميه صيرورة وموت هو مجرد مزج وعزل لما تم مزجه.

شرح النظرية 

قال إمبيدوكليس إن كل الأشياء تتكون من أربعة عناصر أساسية: الأرض والماء والهواء والنار. هذه العناصر لا تتغير ولا تتحول إلى العدم، ولا تفنى، بل تظل ثابتة.

وفقًا لفلسفة إمبيدوكليس، فإن العناصر الأربعة (النار والهواء والماء والتراب) تشكل أساس كل شيء في الكون. 

هذه العناصر موجودة  في كل مكان: تجوب العناصر الفضاء الشاسع وتوجد في كل مكان، سواء في الأماكن المأهولة أو الفراغات الشاسعة في الكون.

غير متأثرة بالزمان والمكان: لا تتغير العناصر بمرور الوقت ولا تتأثر بالمكان الذي توجد فيه. إنها الأساس الثابت للوجود.

يمكن تقسيم الوجود عند إمبيدوكليس إلى قسمين:

الوجود الأولي: يتكون من عناصر أساسية ثابتة ودائمة وغير قابلة للفناء.

الوجود الثانوي: يتكون من أشياء مركبة يمكن أن تتحلل وتفنى، ولكن عناصرها الأساسية لا تتحول إلى العدم.

وبهذا الفهم، لدينا صورة واضحة لكيفية رؤية إمبيدوكليس للكون ككل متكامل من العناصر الدائمة والأشياء المركبة التي تخضع للتغيير والفناء.

 يقسيم العدم إلى "عدم متصل بالوجود" و"عدم يفنى إلى الأبد"

يمكننا أن نفهم العدم بشكل أعمق من خلال النظر إلى طبيعته المزدوجة:

فهم العدم كحالة من الوجود، حيث يمكن للتفاعل بين الحياة والموت أن يتسبب في تجدد الأشياء وعودتها إلى الوجود في شكل مختلف.

العدم المرتبط بالوجود: يمكن اعتبار العدم المرتبط بالوجود بمثابة مرحلة انتقالية بين أشكال مختلفة من الوجود. فعندما يموت كائن ما، فإن عناصره الأساسية لا تختفي، بل تعيد تشكيل نفسها في أشكال جديدة.

عدم يفنى إلى الأبد

هناك مفهوم أو حالة تؤدي إلى الفناء الكامل والنهائي دون إمكانية العودة،

يمكن التعبير عن بعض الأمثلة على الأشياء التي تذهب إلى العدم ولا تعود

يعتبر الماضي في الزمن عدمًا لا رجعة فيه، حيث لا يمكن استرجاعه أو تجديده بأي شكل من الأشكال.

يمكن النظر إلى الإنسان على أنه متجه نحو الفناء النهائي بعد الموت، حيث لا يمكن للفرد العودة بعد الموت.

الأحداث الفريدة: يمكن اعتبار بعض الأحداث التي تحدث في الزمان والمكان، مثل بعض الظواهر الطبيعية أو الأحداث التاريخية، عدمًا لا يمكن تكراره أو استعادته بشكل مطلق.

انقراض النباتات والحيوانات: عندما ينقرض كائن حي، يُعتبر عدمًا في هذا السياق، حيث لا يمكن استعادته أو تجديده بعد انقراضه.

العناصر أساس الكون

 تمثل الأرض الاستقرار، وأصلها هو الغبار والأوساخ المنتشرة في أرجاء الكون، وهي تمثل القاعدة الصلبة التي تتشكل عليها الأشياء، ويمكن للماء أن يتحول بين أشكال مختلفة دون أن يفنى، والهواء يعيش داخل كل جسم في الفضاء، والنار تتحول إلى شعاع وتبقى ملتزمة بالنور في كل مكان وزمان.

في زمن إمبيدوكليس، كانت الروابط بين العناصر غير معروفة ولم يكن أي عنصر يعتبر وثيق الصلة بعنصر آخر. كانت العناصر تُرى كأشياء منفصلة ومستقلة، وكان كل عنصر يُعتبر كيانًا مستقلاً في حد ذاته، دون تفاعلات كيميائية أو فيزيائية مع العناصر الأخرى.

التكامل في الكون

رأى إمبيدوكليس وغيره من الفلاسفة القدماء أن العناصر الأربعة - الأرض والماء والهواء والنار - كل منها كيان مستقل يشكل الكون. لقد رأوا هذه العناصر تتفاعل مع بعضها البعض في بعض الأحيان، لكن هذه التفاعلات لم تكن مفهومة تمامًا كما نعرفها اليوم من حيث التفاعلات الكيميائية والفيزيائية المعقدة بين العناصر.

لقد أثرت فلسفة إمبيدوكليس على الفكر الفلسفي اللاحق، وخاصة فيما يتعلق بفكرة العناصر الأربعة، واستقرارها ودورها في تكوين الكون.

 ونظرته إلى كل عنصر باعتباره كيانًا مستقلاً يعيش في حالة من الذاتية والاستقلال داخل نظام الكون.

 النظرية شكلت لبنة أساسية لما يأتي من الفلاسفة، حيث أنها ستخلق فكرة عامة عن الكون بشكل عام.

بقية الحديث في الجزء الثاني.


 


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة