الحق في قيادة السيارة The right to drive a car
0 reviews
الحق في قيادة السيارة
The right to drive a car
إذا كان لكل فرد، من الناحية النظرية، أن يمتلك سيارة، فلابد وأن يتم إطلاق مئات الملايين من السيارات على الطرق العامة، وتتراكم مثل الجبال. لقد انتهى عصر الفردية، وخاصة في المدن، ولا بد بالطبع من معالجة قضية السيارات بطريقة اجتماعية وقسرية. وتستقبل هذه المعاملة باستياء من قبل المستفيدين الذين يتمسكون بـ”الحق في القيادة” بأي ثمن.
لكن شيئاً فشيئاً تتضاءل الحرية المطلقة لسائق السيارة. وكانت أزمتا النفط ذريعة لإلغاء كثير من الأرباح. لم يضع أي حدود للسرعة تقريبًا، وفرض ارتداء أحزمة الأمان وفرض رسوم على مواقف السيارات في المدن. وهكذا تم تقييد وقمع حرية السيارة، خلافاً لنزعتها الخيالية، وفقدت قدسيتها من حيث المبدأ.
وبالفعل، أطلقت إحدى شركات النفط الكبرى حملة مختصرة لإخراج السيارة من «قاعدتها»، خلافاً لشعار «ضع نمراً في المحرك»، وهو شعار أطلقته شركة أخرى منافسة.
لقد تجرأ البعض للمرة الأولى على الحديث عن السلامة أكثر من الأداء. ومع ذلك، فإن الرسالة غالبا ما وجدت آذانا صماء. يواصل أصحاب مصانع السيارات، الذين يائسون لبيع سياراتهم، إنتاج سيارات سريعة متوافقة تمامًا مع ظروف المرور اليومية، ويخاطرون بالإعلان عن سياراتهم، وهم يعلمون جيدًا أنه لن يشتري أحد سيارة قادرة على السفر بأكثر من 200 كيلومتر في الساعة ليقود بهدوء وبسرعة 130 كيلومتراً في الساعة مع بقية قطيع السيارات على الطرق العامة.
هناك العديد من حضارات السيارات بقدر ما توجد حضارات بشكل عام. في الولايات المتحدة، يلتزم الناس بالقواعد والقوانين، وباستثناء عدد قليل من المصابين بالذهان الوهمي، يظلون مواطنين صالحين - حتى عند القيادة. لكن هذا ليس هو الحال في فرنسا، على سبيل المثال. هذا البلد، بالإضافة إلى كونه متقدما ثقافيا، يقتل سنويا أكثر من مائة ألف شخص على الطرقات، وهو ما يستحق عليه الحجاب الدموي، حجاب الجريمة الآلية.
ومع ذلك، يمكننا القول أن هذه المجزرة ليست أسوأ مثال على خروج السيارة عن مسارها وتعطلها، فالإنسان لا يموت إلا مرة واحدة. وحيث تنتشر الأمراض العصابية وتتشبث الفردانية المحيطة بسيطرتها، تصبح الحياة اليومية جحيما، بسبب الاكتظاظ السكاني الرهيب، وإهدار الوقت والمال والتوتر الشديد، وتتحول عطلات نهاية الأسبوع إلى اختبارات لنفاد الصبر؛ يتحول الشعور بالمسؤولية المدنية إلى استياء واستياء.
