نيتشة الانسان الخائب والفيلسوف الحائر
نيتشه الإنسان الخائب
والخيبة صاحبة الإنسان حينما يشعر بالنقيصة . وينقص الإنسان حينما يستلذ بشهواته ولا يرضى بقدر الله فيه . فيجبن حيث يشجع الناس ويحقد حيث يرزق الناس ويكفر حيث يؤمن الناس . ونيتشه صاحبته الخيبة إذا التصقت به النقيصة أينما ذهب . ولد أرمد العينين يعانى الدوار والصداع ورأت والدته انه خليفة أبيه في ميراث الوعظ والإرشاد ودفع الناس إلى الدين دفعا . فلعن الدنيا لأنها اخترته أرمد العينين مريض وكره غيره صحيح العينين فنال بكرهه لهم كرههم له فحولته نقيصته إلى كاره ومكروه . فترك الناس وأخته بخيبته .قاده كرهه إلى أن يرى أن الإنجيل دافع إلى الخنوع والخضوع . ولو نظر نيتشه إلى أن الجميل الايجابي وترك القبيح السيئ هي اعم وارقي درجات الإنسانية لكان خير له وان هذا ولا شك لن يكون إلا دعوة الله للمؤمن الحق .
ما رأى إلا القبح في كل شيء فقاده هذا إلى الخيبة في كل شيء. كفر بالله ولعن كل مؤمن ورأى في الشهوة والأنانية ضالته .
في صغره عجز عن اللعب مع أطفال سنه وأصبح أضحوكة رفاقه فما صاحب إلا أخته بجسم نحيل ورأس كبير . أحول العينين غير معتدل المشية . لا يستطيع أن يتحدث مع احد .
ما صادق إلا الوحدة وما عرف إلا الألم وما تركه الحقد . فبدأ في صباه يكتب الشعر الفاحش واخذ يتردد على دور الدعارة من حين إلى أخر وقرأ " الطفل هارولد " لبيرون فأعجب به حيث الفردية والأنانية . ثم بدا يشكك في قواعد الدين والإيمان . . كان نيتشه غير قادر على أن يقوم بدوره الإنساني الجنسي فكره الحياة وقبح كل شيء . كره الدين لأنه كان يرى انه يشجع على البعد عن جماليات الحياة . يرى أن الدين أداة للدفاع عن ضعف الإنسان . يقول " ألا يجوز أن هؤلاء القديسين قد جعلوا من العجز فضيلة مكرهين ؟ "
ويتساءل " لماذا يخجل الإنسان من جسمه إذا كان تام الصحة معافى ؟ "
أليس الأرجح أن بعض مرضى الأعصاب قد تخيلوا فكرة الخطيئة ليبرروا ضعفهم العصبي ؟
أليس ما يسمونه بمبادئنا الأخلاقية خداع وزور ؟
أليست الحياة تهدى إلى السعادة ؟
أليس مجرد العيش يعنى الرضا بالحياة ؟
وما هو الدور الذي يؤديه الدين للحياة إذا؟
ما الذي يؤمن الحياة إذا ؟
بينما يتساءل نيتشه الخائب الخاسر كانت تلاحقه نوبات الصرع والفزع والرعب أينما ذهب وكأنها كانت مصيره . كان يخاف الموت . انتشر يوما وباء الكوليرا في ليبزج ففر هاربا . كلما سمع لفظة الموت ارتعدت أطرافه واسأله إذا كنت تعانى كل هذا الخوف فأين الإرادة التي تنادى بها ؟
وطلب للتجنيد فعاند الواجب بحجة انه يعيل أمه فعانده الواجب . والتحق بسلاح الفرسان وفى تدريبه سقط من على فرسه فالتوت قدمه . فخرج من الجيش لا تصاحبه إلا الخيبة والكره . وقامت الحرب بين ألمانيا وفرنسا فأخذ يبحث عن القوة وقال
بإرادة القوة .
إرادة الغلبة .
إرادة القهر .
كان يبتعد عن الناس لأنه يخافهم . عاش وحيدا بفلسفة الكفر والقهر . حبس نفسه في ظلام الخوف والذي قاده إلى الكفر .
حذره طبيب من صداعه فامتلأ خوفا . من مصحة إلى أخرى خوفا من أن يموت بالسرطان ."أن لموت يوشك أن يدركني في أي لحظة "
بين آلام رأسه افتقد الإيمان بالله ولو عرف ربه لأطمئن قلبه ولكنه الخائب خسر طمأنينة القلب وسلامة الرأس .
يرى أن العائق للإنسان غباءه وخوفه وأن الإنسان في لحظة تعسة في حياته اخترع خرافة اسمها الله وظل مكبلا بها .
عرف " لوفون سالوم" وكانت فتاة جميلة وهو عليل فلم تقبل أن ترتبط به لضعفه . فشعر بالهوان ثم علم إنها تزوجت من رجل آخر فاشتعل نار الحقد في صدره .
رجل كل أحقاده تذهب به للكفر . كله للوثنية .
قال ساعتها ساخرا " أنا لم اخلق العالم ولم اخلق لوفون سالوم ولو أنى خلقتهما لكان خيرا لهما "
فذهب بفشله في حبه إلى مبحث جديد مبحث في الأخلاق والخير والشر . وقال بأنها لا تأتى من الله . فليس من إله وقص قصة أملاها عليه فشله وانحطاطه .
فقال إن خيار الناس كانوا هم طبقة الحكام والإشراف فالخير يعنى القوى لا الضعيف وفرض الأقوياء قيمهم على الضعفاء فالرجل الخير هو المحارب والشرير هو الإمعة . ويقول وبمرور الزمن وقع في التاريخ حادث غاية في الشؤم . اعتلت طبقة جديدة مكانا غير مكانها طبقتي القساوسة والوعاظ ترقوا في بطء ففرضوا معيارا جديدا للسلوك . سموه بفضائل الروح .
ويقول إن الناس اخترعوا الجنة والنار والله والشيطان .
يرى أن عيب الدنيا أن أكثر ما فيها من المؤمنين وان أقل ما فيها من المتوحشين . وتزوجت أخته وتركته وهى التي كانت تعتني به .وكان زوجها من أعداء السامية . سافر من بلد إلى بلد كان يرى أن هدفه الأسمى أن ينزل الدين عن عرشه . ولكن الله أصابه بصدمة عقلية عام 1889 فلبس عشر سنين في مصحة لأصحاب الأمراض العقلية . لقد أصابه الله بالجنون ذلك بأنه كان يرى أن عقله هو الحكم فأخذه الله منه كما أعطاه له . توفى نيتشه ليلقى حسابه جزاء عناده ووجد بين أوراقه ورقة وقع عليها بالمصلوب
ذلك مثال للإنسان الخائب رأى أن العقل الحكم في كل شيء . فاغتر به حتى على الله . فكان من الخائبين . لو آمن بإرادة الله لعافاه الله . الم يشفى الله أيوب السقيم ؟ الم يرد الله نور عينين يعقوب ؟ إنما الحقيقة بعينها انه ما رأى إلا النقص . ولو رأى وتدبر أمر الله وحوله وقوته لآمن بالله .
إن الإرادة القوية للإنسان قادرة على أن تذهب به كل مذهب غير أنها يا نيتشه إرادة مقيدة تحكمها إرادة أقوى منها إنها إرادة الله . فلو تركت لجنح الإنسان .
إن الأخلاق هي القانون السرمدي الأبدي والذي يحفظ حياة الناس على أتمها وفى رونقها وبغيرها كان الفناء . إن صفات القوة والغلبة في غير الحق داع إلى الضعف والاستكانة فما قوى إلا بحق وما ضعيف إلا بباطل . إن الله حاكم في كل شيء وليس الإيمان إلا لأنه الدور الايجابي في حياة الإنسان .
لو لم يكن هذا هو الهدف القريب والبعيد للإنسان المؤمن الحق . عبادة الله
فما إذا غايته
فلسفها كثيرون ومنهم ديكارت حيث رأى أن الغاية هي تفسير مجريات الطبيعة . ولكنها لم تكن غاية
إنما الغاية ألحقه والتي تعفينا عناء المرض والرعب والخوف وتهدينا إلى الأمن إنها عبادة الله . والخوض في معترك حياة الأخلاق والسمو الإنساني .
ذلك مثال الإنسان الخائب
فريدريك وليم نيتشه الإنسان الخاسر الخائب
حسين طلب