تحذير الكريم  من مخالطة اللئيم

تحذير الكريم من مخالطة اللئيم

0 التقيمات

" احذر مصاحبة اللئيم "

تعتبر مخالطة اللئيم من أنواع المخالطات الضارة بالإنسان المسلم؛ لأن المرء على دين خليله، والطباع تسرق من بعضها البعض، ومخالطة اللئيم تفسد الأخلاق والطباع، فصلاح الطباع يكون بمخالطة الكرام من الناس، وفسادها يكون بمخالطة لئامهم. وقد جاء في كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبان ما نصه " قال أبو حاتم رضي الله عنه: " الكريم لا يكون حقودًا، ولا حسودًا، ولا شامتًا، ولا باغيًا، ولا ساهيًا، ولا لاهيًا، ولا فاجرًا، ولا فخورًا، ولا كاذبًا، ولا ملولًا، ولا يقطع إلفه، ولا يؤذي إخوانه، ولا يضيع الحفاظ، ولا يجفو في الوداد، يعطي من لا يرجو، ويؤمن من لا يخاف، ويعفو عن قدرة، ويصل عن قطيعة.....(فـ) الكريم يلين إذا استعطف واللئيم يقسو إذا ألطف، والكريم يجل الكرام ولا يهين اللئام، ولا يؤذي العاقل، ولا يمازح الأحمق، ولا يعاشر الفاجر، مؤثرًا إخوانه على نفسه باذلًا لهم ما ملك إذا اطلع على رغبة من أخ لم يدع مكافأتها، وإذا عرف منه مودة لم ينظر في قلق العداوة، وإذا أعطاه من نفسه الإخاء لم يقطعه بشيء من الأشياء". (روضة العقلاء, تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الكتب العلمية – بيروت, ص173).

وجاء في كتاب عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين للإمام ابن القيِّم رحمه الله: " وأمَّا اللَّئيم فإنَّه يصبر اضطرارًا؛ فإنَّه يحوم حول ساحة الجزع، فلا يراها تُجْدِي عليه شيئًا، فيصبر صبر الموثَق للضَّرب، وأيضًا فالكريم يصبر في طاعة الرَّحمن، واللَّئيم يصبر في طاعة الشَّيطان، فاللِّئام أصبر النَّاس في طاعة أهوائهم وشهواتهم، وأقلُّ النَّاس صبرًا في طاعة ربِّهم، فيصبر على البذل في طاعة الشَّيطان أتمَّ صبرٍ، ولا يصبر على البذل في طاعة الله في أيسر شيء، ويصبر في تحمُّل المشاق لهوى نفسه في مرضاة عدوِّه، ولا يصبر على أدنى المشاق في مرضاة ربِّه، ويصبر على ما يُقَال في عرضه في المعصية، ولا يصبر على ما يُقَال في عرضه إذا أُوذِي في الله، بل يفرُّ مِن الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر خشية أن يتكلَّم في عرضه في ذات الله، ويبذل عرضه في هوى نفسه ومرضاته، صابرًا على ما يُقَال فيه، وكذلك يصبر على التَّبذُّل بنفسه وجاهه في هوى نفسه ومراده، ولا يصبر على التَّبذُّل لله في مرضاته وطاعته، فهو أصبر شيء على التَّبذُّل في طاعة الشَّيطان ومراد النَّفس، وأعجز شيء عن الصَّبر على ذلك في الله، وهذا أعظم اللُّؤْم، ولا يكون صاحبه كريمًا عند الله ولا يقوم مع أهل الكَرَم إذا نُودِي بهم يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ليَعلم أهل الجمع مَن أَوْلَى بالكرم " عدة الصابرين، الطبعة: الثالثة، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، ص52.

فعليك أيها الكريم بمخالطة الكرام والحذر من مخالطة اللئام؛ لأنهم لا يرجى منهم خير، ولا يتوقع منهم إلا الشر، وصدق من قال: إن اللئيم وإن أراك منه بشاشة، فالغيب منه والفعال لئيم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لمخالطة الصالحين ويرزقنا صحبة الكرام، وأن يعيذنا من مساوئ الأخلاق، ويصرف عنا شرار الخلق واللئام.

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

5

متابعين

13

متابعهم

26

مقالات مشابة