لماذا تحظر الدول الطيران في سمائها؟ ولماذا هي عقوبة؟
تصور إنك سافرت بطائرة و بنصف الطريق ظهرت لافتة “تحويلة”، طبعاً الفكرة خيالية لكنها فى ذات الوقت لا تخلو من الواقعية، وسنشرح فى ضوء هذا التصور لماذا؟
بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية نظمن إدارة الملاحة الجوية إتفاقيتان دوليتان باريس عام1919 و شيكاغو 1944 وضعت قوانين مكنت الدول من السيطرة على أجوائها بمقاييس محددة فوق أراضيها تمارس عليها سيادتها كما الحدود البرية و الحدود البحرية تعنى أنه يمكن لأى دولة منع أى طائرة من التحليق فوق أراضيها ،كل شركات الطيران ترغب بتيسير الرحلات بخط مستقيم لتوفير أكبر قدر ممكن من الوقود لهذا لابد من ان يكون المجال الجوى فوق أى دولة مفتوحاً للطيران و الدولة فى ذات الوقت تقوم بوضع نقاط دخول وخروج لأجوائها تنظمها من خلال أبراج مراقبة على الأرض أو مراقبة جوية و عندما تُغلق هذه النقاط يتعين على هذه الشركات إيجاب طُرق بديلة.
فى مطلع أكتوبر عام 2021 قررت دولة الجزائر منع الطيران العسكرى الفرنسى من الطيران بمجالها الجوى للوصول إلى دول منطقة الساحل الأفريقى رداً على تصريحات لم تُعجبها من الرئيس الفرنسى “إيمانويل ماكرون” ولكن ما يهمنا معرفته من قرار المنع هو معرفة كيف يؤثر ذلك على كلاً من الطيران العسكرى و المدنى.
سنشرح أكثر من خلال هذا المثال الواقعى :
فى عام 2019 أغلقت دولة باكستان ال 12 نقطة دخول وخروج فوق أراضيها أمام الطائرات الهندية بعد حادثة وقعت بكشمير، ثم أعادت فتح نقطتين فقط لدخول الطائرات الهندية ولكن على أن يتم الخروج من نقطة واحدة فقط، وهذا يُعنى أن الرحلات من و إلى الهند تم إعادة تخطيط وقت إقلاعها و هبوطها و لم تعد تطير بخط مستقيم بالشكل المفروض و بالتالى أستهلاك الكثير من الوقود كما ذكرنا سابقاً.
فمثلاً رحلة خطوط طيران الهند بين دلهى وفيينا أصبح طولها 11ساعة بدلاً من 7 ساعات فقط، و بالتالى الطيران بعدد هذه الساعات الطويلة يتطلب عدد أكبر من طاقم الطائرة، فزيادة ساعات الطيرات تتطلب وجود قبطانين طيارين و مساعد طيار و ربما التوقف بنقطة بالمنتصف للتزود بالوقود يعنى تكاليف فى تكاليف .
و بالعودة مرة أخرى لكلاً من الجزائر وفرنسا ينطبق الأمر على الطيران العسكرى زيادة فى الكُلفة و الوقود وساعات الطيران، ولكن على الجانب الآخر فإن زيادة فلى ترسيخ سيادة دولة الجزائر على مجالها الجوى أمام مستعمرتها السابقة و هى"فرنسا".
معظم أسباب غلق المجال الجوية تعود لأسباب سياسية فالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً فرضت حضراً جوياً على دولة العراق بتسعنيات القرن الماضى بغرض حماية المدنيين، و يجوز لمجلس الأمن الدولى بموجب الفصل السابع من مثياق منظمة الأمم المتحدة أتخاذ أى قرارات بهدف المحافظة على الأمن الدولى و السلام الدولى منها فرض الحظر الجوى على أى بلد كعقوبة أقتصادية و بالتالى يؤدى إلى حرمان البلد المحظور من السيادة على أجوائه و تعطيل حركة الشحن والطيران .
و أخيراً ليس كل مناطق حظر طيران مفروضة، فشركات الطيران قد “تختار” عدم التحليق بمناطق الصراعات كما فعلت شركات عندما أختفت رحلة الطيران الماليزية من أمسترادم لكوالالامبور عام 2014 و قيل وقتها انه أُصيبت بصاروخ بمنطة صراع بأوكرانيا أسقطها و كل ركابها.
و قد ُتسبب الكوراث الطبيعية أيضاً بإغلاق المجال الجوى، فعندما أنفجر بركان “غريمسفوتن” فى أيسلندا عام 2011 أمتنعت شركات الطيران عن التحليق بالمنطقة و عدم المخاطرة بدخول السحب الكثيفة من الرماد حافظاً على سلامة الرحلات.