الكأس الذي لا بُدَ من شربهِ

الكأس الذي لا بُدَ من شربهِ

0 المراجعات

« الكأس الذي لا بُدَ من شربهِ »



 

قال تعالى : ﴿إِنَّكَ مَیِّتࣱ وَإِنَّهُم مَّیِّتُونَ۝ ثُمَّ إِنَّكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمۡ تَخۡتَصِمُونَ ﴾

لا حقيقة في هذهِ الحياة تعدلُ الموت ، يأتي فجأةً ، لينبهَ الميت بأنهُ قد خُتِمَ على عملكَ ، وليس لك َبعدَ الموتِ إلا ما قدمتَ ، وينبهَ الأحياء بحقيقةِ الدنيا ويجبُ استدراكَ ما فات من الأعمالِ، لأنهُ عما قليلٍ سَتنعى كما نُعيَّ صاحِبكَ .

في لحظة الموتِ ، يظهرُ ضعفُ الإنسان وأنه  بسيط ، وأن ما أفنى عُمُره وهو يسعى إلى تحقيقه وبناءه ، انتقلَ من ملكيتهِ ، إلى ملكيةِ غيره ، وكأنَّ الدنيا بمن فيها قد تنكرت له ، كأنه لم يحيا في هذه الحياة ، كأنهُ لم يُسَاكن أهلها الذين هَمُهُمُ الوحيد كيف يُجردونَهُ من ثيابهِ ، وينزلونهُ إلى حفرةٍ ضيقة .

إنها لحظةُ الفراقِ ، ذَهَبتَ وحيداً ،لا أهل، ولا مال، ولا عز، ولا سلطان . حتى ثيابكَ نُزِعت عنكَ.

قل لي بربكَ في تلك اللحظة كيف صَغُرَ كلُّ عظيمٍ أمامَ عينيكَ 

قل لي بربكَ كيف هوت أحلامكَ كأنها أضعفُ من بيتِ العنكبوت

قل لي بربكَ كيف أتاكَ الندمُ دفعةً واحدةً وودت لو عضضت أناملكَ في حينها ، لكن لا حراكَ لأطرَافكَ .

هل سألتَ نفسكَ كيفَ أفنيت عُمُرَكَ وأنت تركض خلف سرابٍ  لا وجود له ولا حقيقة ، هل كُتِبَ لكَ الخلدُ أم أن الدودَ بدأ ينهش جِسمكَ .

أتاكَ ما وعِدتَ به من قبلُ .

هل تذكرتَ كيفَ كانتِ الجنائزُ تمر من أمامكَ ولم تُنبه نفسك من غفلتها ، ولم توقِظها من سُباتها لتدركَ ما فاتك من العمل الباقي لآخرتك ، وتذر السعيَّ وراء السراب .

هل أدركت حقاً أنك لم تأتي إلى الدنيا لتبنيها ولكن أتيت لتعبدَ خالقها 

هل تمنيت الرجعة إلى الدنيا لتعملَ صالحاً فيما تركتَ

هل سألت نفسكَ في تلك الأهوالِ ،عن تعبِ الطاعةِ ولذة المعصيةِ،

إيهٍ يا بن آدم لم يبقى شئٌ لا من تعبِ الطاعةِ ولا من لذةِ المعصيةِ ،

ولم يبقى  إلا الأثر ، إما حفرة من حُفرِ النار ، أو روضَة من رياض الجنة.

قل لي بربكَ هل أنارت لكَ الطاعةُ  حُفرتكَ التي نزلتَ إليها ، أم أن المعصيةَ زادتها ظُلمةً فوق ظُلمتها ،ظلماتٌ بعضها فوقَ بعض .

 

نسألُ الله العفو والعافية 

وحسن الختام .



 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

13

متابعين

13

متابعهم

3

مقالات مشابة