تدكرت نفسي حين كنت بلا عقد🥺

تدكرت نفسي حين كنت بلا عقد🥺

0 reviews

كثيرا ما استعيد شريط حياتي ، أتَذَكَّرُ نفسي في مرحلة  مبكرة من عمري ..و أنا روح دون عقد ، دون قيود ، دون مخاوف ، دون جراح…لم تدم تلك المرحلة طويلا ، رويدا رويدا بدأت الحياة الحقيقية تكشف عن أنيابها ، كانت الضربات الأولى موجعة جدا ، و كانت طعنات الخذلان الأولى مؤلمة لحد أَنَّ ندوبها صارت قبور سجيتي التلقائية البريئة…توالت التجارب ،و الخيبات و الغلطات، و القرارات الخاطئة ، و الاحلام المزيفة….تراكمت العقد ، و تضخمت الأنا ، و كلما كثرت التراكمات ، توسعت الفراغات و ابتعدتُ سنوات ضوئية عن جوهري الحقيقي…و هكذا جاءت مرحلة الضياع حينما فقدتُ الصلة بجوهري….
عندما فقدتُ هويتي الأصلية،  بدأتْ قصتي مع التعلق بمظاهر الحياة اللامعة …أصبحتُ ابحث عن معنى وجودي في السطحيات ، كان يهمني كثيرا ان أبدو ناجحا و سعيدا أماما كل الناس ، و كأن ثأرا قديما كان بداخلي مازال مشتعلًا ضد المجتمع…الطعنات و الجراح و التحقير ، اصبحوا تلك العقد التي تتحكم بشخصيتي…أردتُ أن أثبت لجميع من خذلوني أني الأفضل ، و الأقوى ، و الأذكى….
اصبحتُ مهووسا بتلميع صورتي امام الناس ، و كان الأنا بداخلي يزداد تضخما بكل انجاز او تقدم ألمسه في الحياة…
وصلتُ في مرحلة ما الى كل ما أريد…كنت اتلذذ بغيرة الناس من لمعة حياتي ، كنت اشعر أن ذلك النقص بداخلي لا يملأه سوى انبهار المحيطين بي….
لكن دائما كان هناك صوت بعيد جدا خافت يأتي من أعماقي ..يقول : هذا ليس انت …تجاهلته طويلا ، و حاولتُ ألا أسمعه.
عشتُ في وهم السعادة حتى اكتشفتُ أنه فعلا مجرد وهم ، ما عاد شيء يرضيني ، كنت دائما اشتاق الى شيء ما …ينقصني شيء ما …جوهري الحقيقي هو الذي كان ينقصني ..حولتني الحياة الى كائن مشوه و معقد ..كائن لا يمثل الملاك الطيب القابع في اعماقي…
بدأت حصون حياتي المزيفة تنهار فوق رأسي ، و في عز آلامي سمعتُ نداء روحي يحثني عن البحث عن نفسي…و هكذا بدأت صحوتي…
كانت رحلة البحث عن نفسي متعبة جدا ، كان علي اجتياز كل تلك الظلمات ، و الجراح ، و التراكمات و العقد و الحطام حتى أجدها …كان علي أن أُسامح من  أساء الي و أتقبل الماضي بكل مآسيه ، و أُشفى من عقد النقص و الخوف و الرفض حتى استطيع اخراجها  من تحت كل تلك الانقاض التي طمرت جمال جوهرها …
و في الأخير وجدتها ، جميلة مثل زهور الربيع ، بريئة مثل الطفولة ، نقية مثل هواء البادية …اصبحتُ ارى العالم جميلا جدا لأول مرة ، فتحتُ قلبي للحياة ، و ما عاد يهمني شيء سوى أن أكون مرتاحا مع نفسي الحقيقية …
اصبحتُ متوازنا ، واثقا ، عادلا …فتحمست جدا أن أجد اشباهي، لكن للأسف عندما نظرتُ من حولي ، وجدتُ أن أغلب الناس مازات عالقة تحت انقاضها ، محكومة بعقدها و تراكماتها.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

178

متابعين

123

متابعهم

6

مقالات مشابة