هل أنا مثقف؟.. أم حالة سكرين شوت؟؟
يجلسُ ممسكاً صحفيةً أو كتاباً يشرب االقهوة و يخلط الفصيح بالعاميّ في كلامه، هذا هو كاركتر المثقف عندنا، ملابسه بألوان ترابية.. و نظارته بزجاجٍ سميك يعرف في كلّ مجال…يقرأ على الدوام بنهمٍ بلا انقطاع… ولكن..
اليوم أصبح بإمكاننا ببساطةٍ شديدة الوصولُ لأي معلومةٍ او كتاب ،صار الجميعُ يدّعي كونهُ مثقفاً لمجردِ مروره على الكثير من المقالات خلال تصفحه اليومي للميديا. (ريل) هنا و بوست هنا.. صورة غرفيك ملونة هنا.. و ( ستوري) للمشاهير و غيرهم هناك..هذه تتبيلة الثقافة لليوم..
فإذا دارَ حديثٌ عن موضوعٍ ما ،يبدو الموضوع معروفاً لسامعهِ، ظاناً نفسه ذا علمٍ واطلاعٍ فيه ..ولكن ما إن يمعن قليلا ليكتشفَ أنّه يحفظ عناويناً فقط ولم يلج في بحر ذلك الموضوعِ ولا حتى بمقدارِ أن تبتل قدماه..
للأسف هذا وهمُ الثقافة السائد في يومنا هذا.
يحفظ أغلبنا أسماء رواد الأدب الروسي، وأسماء أدباء انكليز ولايدرون عن مؤلفاتهم وما قدموه خلالها..يعرفون شكسبير ولا يدرون ماذا كتب ولا من أي بلدٍ هو حتى، لايعرفون من هو مانديلا ولا جيفارا الذي يحتفظون بصوره ، لا يقرأون أدبا ولا شعراً ولا مقالاً حتى .بل يقرأون بنهَم..كلَّ منشورٍ بلا قيمة على الميديا حتى أنه إذا طال قليلا احتفظو به للمشاهدة لاحقاً من ضجرهم ..
للأسف ..لم يعد هناك فئة كبيرة من الأهل تتجه بأطفالها نحو الثقافة ..فما أجملَ طفلاً قارئاً للقصص محباً للتجارب العلمية ..خبيراً بحاسوبه ممواكباً للعصر.
وكيف يكون هذا إن لم يكن الوالد و الوالدة قدوةً حسنةً لصغارهما ..
نحن في زمان الوفرة في المعلومة ومصدرها وقلةٍ في العلم ومبتغيه، تعودنا السرعة و الاختصار في كل شيء
نسيينا أن المثقف باحثٌ عن علمه، قارئٌ في مجالهِ ، مطلعٌ بقصدِ التعلم على مجالات غيره ، شغوفٌ بالتقصي والفهم وليس اكتناز المعلومات العابرة و "السكرين شوتس"
والأهم أنّ شخصاً لايسمى مثقفاً إن لم يكن لديه رؤىً لتحسين مجتمعه وخطواتٍ لمساعدة غيره واستثمارِ مالديه لصالح غيره ونفسه ومجتمعهِ ، وليس للتبجح في المجالس بما لا حاجة به من الكلام ..
عصر السرعة هذا صنع لغطاً في المفاهيم لعلنا يجب أن نصحح بعضها أحياناً.